حسن البطل
ثلاثة وزراء دفاع أميركيين، في الأقل، خدموا في إدارة الرئيس باراك أوباما خلال ولايتيه (الحالي أشتون كارتر، وسابقه ليون بانيتا، وسابق ـ سابقه روبرت غيتس) وفي الخارجية خدمت (هيلاري كلينتون وجون كيري).
لا معنى لذلك، سوى في مقارنة «منخفضات» جوية عابرة في علاقة رئيس الإدارة أوباما ووزير خارجيته كيري بإسرائيل، مع سماء مفتوحة وصافية في العلاقات الأمنية الأميركية ـ الإسرائيلية.
في جميع عهود رؤساء الإدارات الأميركية، لا تحيد الولايات المتحدة عن عهدها: أن تبقى إسرائيل ذات قوة عسكرية متفوقة على مجموع جيرانها.. مهما تبدلت أوضاعهم وتشقلبت!
التأكيد على ذلك، هو مخازن الطوارئ للأسلحة الأميركية في إسرائيل، كما في تزويد سلاح الجو الإسرائيلي بأحدث ما تنتجه الولايات المتحدة من طائرات قتال، ودائماً وأبداً يكون سلاح الجو الإسرائيلي أول من يحصل على أحدث الطائرات.
كان لهذا معنى زمن الميزان العسكري الاستراتيجي بين جيش إسرائيل وباقي جيوش المنطقة، فما هو معناه بعد انهيار الجيوش العربية، وانشغالها في حروب أهلية، بحيث صارت السماء السورية، مثلاً، ملعباً مفتوحاً لطائرات سلاح الجو الإسرائيلي، علماً أن الحركات والأحزاب غير النظامية المناوئة لإسرائيل، لا تملك لا طائرات ولا دفاعات جوية مجدية، وإن ملكت ستاراً صاروخياً نصف رادع!
مؤخراً، تم توقيع اتفاق عسكري أميركي ـ إسرائيلي، وبموجبه تحصل إسرائيل على 14 طائرة إضافية من طراز اف 35، بعدما حصلت على 19 طائرة من هذا الطراز عام 2010.
الطريف في الموضوع أن إسرائيل ستعطي لهذه الطائرة اسمها العبري «أدير» كما أعطت لصواريخ الاعتراض الجوي للصواريخ اسم «حيتس» بدلاً من «السهم ـ آرو» علماً أن أميركا شاركت في تمويل معظم الأبحاث والتجارب، منذ بطاريات «باتريوت» للدفاع الجوي.
غير الطريف، أن هذه الطائرات ستكون بـ «بلاش» لأنها جزء من برنامج المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل، بقيمة تزيد قليلاً على 3,2 مليار دولار سنوياً.
إلى ذلك، وافقت أميركا على شرط إسرائيلي لا توافق عليه، عادة، في صفقات السلاح الأميركية لباقي الدول، وهو أن تساعد إسرائيل في تصميم وإنتاج تفاصيل للنسخة الإسرائيلية، مثل «طاسة» الطيار، ووسائل إلكترونية معينة للتشويش الراداري، علماً أنها طائرة «متملصة» مثل «ستيلث».
حسناً، منذ فانتوم اف ـ 4 إلى اف ـ 16 والآن F35 كانت إسرائيل الدولة الأولى في حيازة هذه الطائرات، وأكثر من استخدمها في الحروب والمعارك الجوية، واعتبرت أميركا أن استخدام إسرائيل لها تجارب على كفاءتها.
في مرحلة عابرة، بعد حصولها على فانتوم اف ـ 4 فكّرت إسرائيل في صناعة جوية عسكرية خاصة بها، مع الاقتباس الشديد من التنكولوجيا الأميركية، وقامت بصنع طائرة «كفير» (شبل الأسد) بمحركات أميركية أوائل عقد السبعينيات، ما أثار امتعاضاً أميركياً من «السرقة التكنولوجية»، ثم امتعاضا لاحقا من نقل تكنولوجيا سلاح أميركية إلى بلاد أخرى، وبالذات الصين.. وفي الحالتين تراجعت إسرائيل عن «اللطش» و»السمسرة».
إلى طائرات F35 التي ستورّد لإسرائيل بين الأعوام 2016ـ2021، كانت إسرائيل أول دولة تحصل على طائرات «اسبري» V22، وهي طائرات تطير «مثل الفراشة وتلسع مثل النحلة» حسب تعبير للملاكم محمد علي كلاي، أي هي مزيج من طائرة سمتية (هليوكبتر) وطائرة عمودية، ومهمتها نقل جنود وإنزالهم إلى ميدان المعركة، كما وتستطيع طائرة F35 أن تحلق عمودياً دون حاجة إلى مدرج (هذا ضروري لتوجيه ضربة لإيران، مع هبوط في الصحارى).
ما يعنينا في الأمر، أن تضارب وجهات النظر السياسية إزاء إيران وفلسطين، لا يؤثر على تطابق وجهات النظر الأمنية.
ويعنينا خصوصاً، كفلسطينيين أن إدارات أميركية سابقة أجبرت إسرائيل في ولاية اسحاق شامير على حضور مؤتمر مدريد الدولي، مع «عقوبات» على مشاريع الاستيطان اليهودي، بحسم ما تصرفه إسرائيل على الاستيطان من المساعدات غير العسكرية الأميركية، التي استغنت عنها إسرائيل (هل تذكرون قصة ضمانات القرض بقيمة 10 مليارات دولار لاستيعاب الهجرة).
كم توسع الاستيطان اليهودي، بينما تكتفي الإدارة الأميركية، حالياً، بالتنديد والشجب والإدانة، دون أي إجراء عملي، بل وتعيق إقرار المشروع الفلسطيني أمام مجلس الأمن، وفي كل عمل حربي تردد أميركا لازمة: «من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها».. لكن ليس من حقها التدخل في خيارات أميركا السياسية ـ الأمنية في الموضوع الإيراني مثلاً.
ليس مهماً أن يدير أوباما وأركان إدارته «كتفاً باردة» لزيارة وقحة لنتنياهو، لكن الأهم هو الاّ تتأثر العلاقات الأمنية الاستراتيجية بين البلدين.
تمييز
هل هناك سابقة طلبت فيها أميركا تعويضات عن مصرع مواطن أميركي بيد إسرائيل، مثل راشيل كوري؟
هذا تعقيب على حكم قضائي أميركي، قابل للاستئناف بتدفيع السلطة والمنظمة الفلسطينية مئات ملايين الدولارات جراء سقوط أميركيين بجنسية مزدوجة في أعمال حربية فلسطينية.
على فكرة، تلطش إسرائيل ما نسبته 3% كسمسرة على ضرائب المقاصة، والمجموع حتى الآن يزيد على مبلغ الحكم القضائي الأميركي، علماً أن هذا «اللطش» منذ بروتوكول باريس غير قانوني، ويقدر بـ 470 مليون دولار.
صفقة نيوزيلندية
لم يعجب إسرائيل أن تعين نيوزيلانده سفيراً لها تشمل مهمته إسرائيل وفلسطين. قامت نيوزيلنده بتعيين دبلوماسي لدى فلسطين يكون أعلى مرتبة من دبلوماسييها في إسرائيل.. برافو.