وما هي إلّا امرأة

وما هي إلّا... امرأة!

وما هي إلّا... امرأة!

 صوت الإمارات -

وما هي إلّا امرأة

بقلم - حازم صاغية

نتجه صعوداً في الحرب الأهلية التي يشنها ذكور قساة على النساء: تعنيف لفظي، حرمان من الأطفال، ضرب مبرّح، إعطاب جسدي، اغتصاب، إحراق، قتل... هذه بعض العناوين التي تتصدر الكلام عنهن في منطقتنا. يلوح أحياناً كأن هؤلاء «الكائنات» مجرد رهينات في «بيوت الرجال»، أو في زنزانات انفرادية يديرها رجال، وفيها يتعرضن لواحدة أو أكثر من تلك الممارسات، وربما لها كلها. أحياناً يكنّ مثل دجاجات في قن مقفل، وكلما عنّ للرجل أن يلتهم دجاجة ذبح واحدة من سجيناته. يكفي أن ينتاب رجلاً شيء من الغضب أو الغيرة أو الإحباط لحمله على ذبح امرأة. فهن، في آخر المطاف، لا يملكن الحقوق القانونية والسياسية والجنسية نفسها التي يحظى بها الرجال، وقد ينحط عدم التساوي فيغدو عدم تساوٍ مطلقاً بين الزوج والزوجة، أو بين الأب والابنة.
القتل قد يحصل في رابعة النهار، وقد يحصل في مكان عام مزدحم. إنه قتل متجرئ كأنه عمل مُجاز ومرخص ترعاه ثقافة وعلاقات تحض عليه. أما نحن ففي أحسن الحالات نهز رؤوسنا أو نقلب شفاهنا استهجاناً ونمضي في سبيلنا في انتظار ضحية جديدة.
في بلد صغير كلبنان، وفي غضون أسبوع واحد، رصدت الزميلة صفاء عياد ثلاث حالات، ننقل بالحرف:
- «في مخيم عين الحلوة في صيدا، حيث كانت الضحية فتاة من ذوات الاحتياجات الخاصة، أقدم عمها وشخص آخر على اغتصابها، والرجلان من عناصر الأمن الفلسطيني التابع لحركة فتح، وحين أذيع خبر الاغتصاب في المخيم أصدر الأمن الفلسطيني بياناً يشجب تلطيخ سمعته، وبرأ المتهمين من العمل المشين».
- «تعرضت السيدة تهاني حرب (30 عاماً)، وهي أم لولدين، لاعتداءات عنيفة من زوجها، فأُدخلت المستشفى حيث أفاد تقرير طبي بأن العنف الزوجي الذي تعرضت له أدى إلى نزيف في طحالها وإلى استئصاله، إضافة إلى كسور في أربعة أضلاع أسفل قفصها الصدري. ونشر ابن عم المرأة تقرير الطب الشرعي في صفحته في فيسبوك، قائلاً إن الزوج الهارب يساعده أقاربه في الفرار ويؤمّنون له الحماية، ويتواصلون مع جهات أمنية كي تعمل على تصفية أو لملمة القضية، وينجو من الملاحقة القضائية».
- أقدمت الطفلة ضياء محمود الغول (14 عاماً)، من قضاء الضنية في محافظة الشمال على الانتحار في بلدتها قرحيا. وتداولت المعلومات أن الفتاة تعرضت لضغوط عائلية، بهدف حثها على الزواج من شخص لا تريده».
ما يحصل في لبنان يحصل مثله في سوريا والعراق والأردن ومصر وفلسطين وبقية بلدان المنطقة.
والحال أن المرأة في منطقتنا لم تتمتع في أي مرحلة سابقة بحقوقها المساوية لحقوق الرجل، لكن معاناتها، في المقابل، لم تبلغ، منذ عشرات السنين، ما تبلغه اليوم قهراً وتعنيفاً: فنحن أمام خليط غير مسبوق يجتمع فيه الاستبداد والإفقار والبطالة والإحباط وتراجع القيم المساواتية وانتعاش الأفكار الظلامية وتردي التعليم... إننا نرى ذلك في التعاليم التي يبثها الدعاة الدينيون كما في القيم التي يحملها بعض الإعلام الاجتماعي. نراه خصوصاً في حالات الكتل المهاجرة واللاجئة التي تضخمت في السنوات الأخيرة وواجهت بعض مصاعب التكيف مع العالم الجديد فحملت المرأة معظم الأكلاف. نراه في تجربتنا، عربياً وعالمياً أيضاً، مع كورونا وانتشار العنف المنزلي وراء جدران المنازل. ودائماً يفعل فعلَه التراجعُ الذي أصاب حقوق الإنسان ومسائل العدالة والمساواة، لا سيما بعد انهزام الثورات العربية وإحكام الطغيان قبضته.
لكنْ أيضاً هناك النموذج. فدائماً كان الدفاع عن حقوق النساء ومساواتهن يقترن بإحالة ما إلى الغرب واستشهاد بما أحرزته النساء الغربيات من إنجازات. صحيح أن هذا التأثر لم يكن كافياً لتحصين مكاسب المرأة العربية، والتي بقيت في عمومها هشة وقابلة لأن تُسحب في أي لحظة من التداول، وصحيح أيضاً أن السرديات القومية والإسلامية («الغرب هو المسؤول عن أوضاع النساء عندنا») زادت تلك الهشاشة هشاشة، لكن المنطقة العربية، مع هذا، عرفت ملامح وجهة تجد ما يدعمها في نموذج المرأة الغربية: ذات يوم قد تصل النساء عندنا إلى تلك المحطة.
هذا النموذج يبدو ضعيفاً جداً اليوم، مصدرُ ضعفه ليس فقط تراجع قدرتنا على الأخذ، بل أيضاً تراجع قدرته على العطاء. دخول الشبكات الدولية على الخط، ودفاعها الحقوقي، يُبقيان الحد الأدنى من الأمل بأن الارتكاب، بما فيه الارتكاب الجندري والجنسي، قد لا يمر، لكن فاعلية هذه الـ«قد» تزداد تراجعاً.
فالنموذج قل إغراؤه، وقل عدد المعنيين بتقديم نموذج مُغرٍ للعالم. قبلاً، إبان الحرب الباردة مثلاً، كان جورج كينان، مستر X، أحد الذين طالبوا بمكافحة النفوذ السوفياتي بالنموذج الديمقراطي، فالنموذج سلاح لا يقل فتكاً عن سياسة الاحتواء التي دافع كينان عنها أيضاً.
اليوم، من يتسقط أخبار المرأة في الولايات المتحدة يقع على عذاباتها أولاً. تصويت المحكمة الأميركية العليا ضد حق المرأة في الإجهاض، الذي بقي سارياً لخمسة عقود، يقدم نموذجاً مضاداً. أيام قليلة قبل هذا التصويت، كان قرار المحكمة نفسها بتوسيع نطاق استخدام السلاح، علماً بأن النساء في الولايات المتحدة معرضات للقتل بهذا السلاح 16 ضعف تعرُّض الرجال له.
هذه ليست مثالات للتقليد، ولا هي إشارات إلى مستقبل أفضل، لا عندنا ولا عند سوانا. الشاعرة والروائية الكندية مارغريت أتوود تنبأت باحتمال قاتم كهذا في عملها «قصة خادمة» الذي صار مسلسلاً تلفزيونياً. هذا عمل يُستحسن أن يُقرأ، أو يشاهَد، علنا نخاف توتاليتارية وعبودية من نوع آخر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وما هي إلّا امرأة وما هي إلّا امرأة



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 21:47 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالله بن زايد يستقبل وزير الشؤون الخارجية في الهند
 صوت الإمارات - عبدالله بن زايد يستقبل وزير الشؤون الخارجية في الهند

GMT 21:21 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
 صوت الإمارات - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 21:21 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد
 صوت الإمارات - نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد

GMT 21:21 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات
 صوت الإمارات - غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات

GMT 14:42 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 17:17 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 19:08 2015 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

طقس فلسطين غائمًا جزئيًا والرياح غربية الأربعاء

GMT 02:06 2016 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

"سامسونغ" تطلق Galaxy S7 قريبًا

GMT 14:46 2014 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلاق كتاب للشيخة اليازية بنت نهيان بن مبارك آل نهيان

GMT 22:58 2015 الأربعاء ,01 إبريل / نيسان

سامسونغ تربح المليارات والفضل للهاتف "S6"

GMT 14:40 2017 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

كلاب الدرواس تهاجم الناس وتقتل المواشي في مقاطعة صينية

GMT 07:31 2013 السبت ,24 آب / أغسطس

الصين ضيفة شرف معرض إسطنبول للكتاب

GMT 04:15 2016 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

ديمو P.T يعاد تطويره في لعبة Dying Light

GMT 09:00 2015 الثلاثاء ,21 إبريل / نيسان

شركة "سوني" تكشف رسميًا عن هاتفها "إكسبريا زي 4"

GMT 06:14 2014 الإثنين ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

كوثر نجدي تطرح مجموعة جذّابة من فساتين السهرة

GMT 05:31 2018 الأحد ,18 شباط / فبراير

نادي الفروسية في الرياض ينظم حفل سباقه الـ"52"

GMT 11:23 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

جمعية "أم القيوين" الخيرية تتفاعل مع المسنين في عام زايد

GMT 14:49 2016 الخميس ,03 آذار/ مارس

المخ يدخل في صمت عندما نتحدث بصوت عال
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates