علي العمودي
الجشع والنصب كغيرهما من الآفات لا وطن لها، ولكن البعض عندما يسمع أن هذه شركة وطنية، ويأتيه على الطرف الآخر من يرمس بلهجته، يتصور أن الأمور ”طيبة”، ويثق أن الصفقة ستكون مربحة طالما طرفها ”وطني”. ويتناسى كل الاحتياطات المطلوبة من أي فرد في المجتمع عندما يتعلق الأمر بتعاملات مالية، خصوصا الإلكترونية منها، وباستخدام البطاقات الائتمانية، والتي بحت منها أصوات وتحذيرات الشرطة وغيرها من الأجهزة، وهي تذكرنا على مدار العام بتلك الاحتياطات.
القصة باختصار أن أحد الشباب تلقى اتصالا من مندوبة شركة قالت إنها وطنية، وبلهجة إماراتية حدثته عن مزايا بطاقة للخصومات والمزايا المغرية توفرها الشركة، وتناسب مثله من كثيري السفر والترحال.
وبعد أن استعرضت له أنواع وفئات تلك البطاقة، أبدى اهتمامه بإحداها وطلب إرسال التفاصيل المتعلقة بها وشروط الاتفاق حولها من خلال بريده الإلكتروني. فطلبت رقم بطاقته الائتمانية لزوم تعبئة بيانات الطلب الخاص بالمعاملة ليتم موافاته بها. وعندما تم لها ذلك، فوجئ صاحبنا لدى مراجعته بيانات حسابه بأن «الجماعة» قد سحبوا من رصيده حوالي عشرة آلاف درهم. اتصل بهم محتجا لسرعة انقضاضهم على حسابه قبل أن يمهر المعاملة بتوقيعه. فسمع ردا غريبا من ذات الموظفة بأننا في عصر التجارة الإلكترونية، والمعاملات تتم إلكترونيا وبسرعة. ومما زاد من ذهوله إبلاغها إياه بأن ”المكالمة مسجلة” وتتضمن موافقته!!
موقف ربما تعرض له كثيرون، يعد ثمن لحظة ثقة قبل استبصار الأمر، ويكشف نظرة البعض لمفهوم التجارة الإلكترونية على أنها تفويض لابتزاز بسطاء لا يعلمون عن دهاليز وخبايا تجارة لها متخصصون في استغلال جهل شريحة من الجمهور بها.
عالم افتراضي تنشط فيه عصابات عديدة خلف أسماء براقة، تتفنن في ابتكار الحيل للإيقاع بضحاياها، لتشتري وتسحب من الأموال باستخدام أرقام بطاقات قدمها بطيب خاطر وموافقة أصحابها، وهم يجهلون بعاقبة مثل هذا الأمر الذي نعود لندعو الأجهزة المعنية من بنوك وشرطة بحاجة لتكثيف توعية الجمهور وتحذيره من استسهال الكشف عن البطاقات الائتمانية هاتفيا أو استخدامها في مواقع غير آمنة عند الشراء الإلكتروني، قبل أن نقول على المتضرر اللجوء للقضاء.