علي العمودي
يمثل «الراوي» و«دروب» نموذجين مضيئين في مسيرة العمل الإعلامي التلفزيوني الإماراتي المسؤول، ننتظرهما من الحول للحول، وينيران ليالي رمضان الذي تصر بعض الفضائيات المحلية منها وغيرها لجعله شهراً لتوافه الأعمال، بعد ما حارت بوصلتها في تحديد الغاية من هذه الوسيلة الإعلامية، هل هي رسالة أم تجارة؟.
حيرة عمت وضاعت معها البوصلة على يد مستشاري «الجل» والبدل اللماعة ممن غرسوا عند أصحاب القرار في هذه الوسيلة أو تلك، أن الاعلام كصناعة عليه أن يدر دخلاً، ولا يكون عبئاً على الدولة، وبهذا الزعم مرروا كل غث من بضاعتهم. جاء الرد على تلك الموجات التي جاءتنا كـ«الهوجة» بأعمال إماراتية خالصة فكرة ومحتوى وتقديماً في مقدمتها برنامج «الراوي» للمؤرخ والكاتب الإماراتي جمال بن حويرب، الذي يقدم وعبر دوراته الست في رمضان من كل عام وجبات دسمة تثري ذاكرة جيل اليوم بمعلومات وعمل «متعوب عليه» عن شخصيات ريادية وضعت بصماتها في تاريخ الإمارات وأمتنا العربية، في جهد يرد على الذين يريدون تضليل جيل اليوم أننا أمة بلا تاريخ. وجاء العمل يتسم بسلاسة السرد ودقة المعلومة، وسعة اطلاع المؤرخ وحسن توظيف المادة البصرية والتوثيقية.
أما «دروب» للإعلامي المتميز علي آل سلوم، فهو صورة من صور تفاعل إنسان الإمارات مع حضارات وثقافة العالم، ينقلنا إلى أماكن قريبة وبعيدة عنا تلتقي عندها خيوط التواصل والتعارف وتبادل الخبرات والتجارب، وهو امتداد لتجربة الشاب الإماراتي في الخط الذي اختاره لتقديم الصورة الجميلة والإيجابية عن بلاده، والتي كان قد بدأها في سلسلة «اسألوا علي»، والتي ساعدت الكثيرين من غير العرب والجاليات الأجنبية المقيمين في الدولة التعرف على جوانب الحياة وطبيعة المجتمع الإماراتي عن قرب، ومن منابعها الصحيحة بعيداً عن أولئك المرشدين السياحيين ومعلوماتهم الغريبة. كما نجح في جعل السلسلة مشروعاً يحظى بالدعم والتشجيع، ونموذجاً ملهماً لآخرين يريدون الاقتداء به في وطن كان دوماً محطة للتفاهم الإنساني، وجسراً بين حضارات وثقافات الشعوب مهما تباينت واختلفت «الدروب».
كما كانت هناك أعمال فنية محلية ترفيهية راقية تنبض بالمحتوى الهادف، بعيداً عن تهريج «الكرتون»، و«شامبيه» وربعه، فقط نتمنى إبعاد تجار الفن المسطح عنا.