علي العمودي
من تقوده الظروف لمنصة خدمة المتعاملين عند مدخل دائرة القضاء بأبوظبي، يلحظ مشهداً غير حضاري، قبل أن يكون يخالف قواعد الشهادة والشرع، يتمثل في ظاهرة طلب مراجع من آخر تبادل شهادة بعضهما بعضاً، لضمان سرعة إنجاز معاملتيهما عند كاتب العدل.
هناك تجد مراجعاً غير عربي يوقع على التعهد أو الإقرار المكتوب بـ«العربية»؛ ليسرع تخليص معاملته بعد أن انتظر طويلاً أن يهل شاهد يكون بدوره بحاجة لشهادة الأول، وبعدها يضطر الاثنان للانتظار طويلاً لتخليص معاملة يمكن إنجازها في أقل من عشر دقائق إذا جرى تبني توجهات تطوير الأداء، باعتمادها مباشرة من كاتب العدل من دون سالفة «اشهد لي، وأشهد لك»، أسوة بما هو متبع في دوائر قضائية عدة، حيث لا تتطلب معاملات «كاتب العدل» أي شهود.
مما سيخفف من وطأة الازدحام عند مدخل تلك القاعة، ويساعد في توجيه طاقات العاملين نحو مهام أخرى أهم من توثيقات إدمان تكديس الأوراق في وقت تسابق فيه الدولة الزمن لاستكمال التحول إلى الحكومة الذكية والإدارات الخالية من الورق.
في زاوية من تلك القاعة، التي يتعالى فيها ضجيج المراجعين، كان رجل طاعن في السن يقبع بانتظار شاهد يشهد معه أن ابنه لا يعمل، وآخر يكبره عمراً ينتظر من تقذفه الظروف ليشهد أن ابنته ما زالت طالبة وغير متزوجة!!. وهذا يشهد لذاك من دون سابق معرفة، المهم أن «السفن السايرة» تمضي لإرضاء «ضمان» و«الجوازات» بشهادات تأكيد «المؤكد» ترهق المراجعين الذين يضطرون للذهاب إلى مقر دائرة القضاء ومعاناة البحث عن موقف وشهود.
ظاهرة «اشهد لي.. وأشهد لك» كانت موضوع العديد من الأفلام والحملات التوعوية التي قامت بها دائرة القضاء، للحد منها، ومع هذا فالظاهرة موجودة ومزدهرة طالما لم تراجع الدائرة إجراءاتها للتخفيف من معاناة جمهور المتعاملين معها في مثل التوثيقات التي ذكرتها.
وما دام بعض موظفي جهات مثل «ضمان» يصرون على دفع الجمهور للتعامل مع «الشهادة» بهذا الاستخفاف وعدم التقدير؛ لأنهم ينظرون إلى مراجعيهم على أنهم مشروع تحايل على أموال «ضمان» حتى يثبتوا براءتهم، ولو بصك مستخرج على طريقة «اشهد لي وأشهد لك» ولا يعتدون بوثائق رسمية أخرى!!