بقلم - علي العمودي
غداً، يبدأ تفعيل نظام «مواقف» مجدداً في أبوظبي، بعد فترة من التوقف جراء جائحة كورونا، وخلالها حرص المتعاملون في المناطق الخاضعة للرسوم على الالتزام بالنظام، والدليل قلة المخالفات المسجلة، بما يجسد وعياً حضارياً والتزاماً مجتمعياً.
نرصد أمراً ليس عادياً فيما يعانيه متعاملو «مواقف»، فعلى الرغم من أنها أعلنت عن خطوة التفعيل قبل أكثر من أسبوع، إلا أن مكاتبها ظلت مغلقة، وكذلك مراكز الطباعة المرتبطة بها، وحتى مركز الاتصال الخاص بالمتعاملين لا يرد على مئات الاتصالات التي انهالت عليه من أفراد يريدون إنجاز معاملاتهم، وتوفيق أوضاعهم قبل انتهاء فترة الإعفاء من رسوم «مواقف». وإذا كان المتصل سعيد الحظ وحظي برد من موظف المركز تجده يحيله للدخول على روابط غير مفعّلة، أو لا تفتح بسبب الضغط الذي تشهده.
البعض ممن أعيتهم محاولات الدخول عبر تلك الروابط يعاودون الاتصال بمركز الاتصال، فإن أسعفهم الحظ ورد عليهم الموظف وسمع شكواهم، يبادرهم برد مُسكن بأن قسم الدعم الفني سيتواصل معهم، وإذ بانتظارهم يطول لساعات دون جدوى، وتتضح حقيقة الواقع بأن «الدعم الفني» بحاجة إلى دعم، لأنه غير قادر على التعامل مع الضغط الذي يئن منه جراء تهافت المتعاملين لإنجاز معاملاتهم تفادياً لغرامات «مواقف» ثقيلة العيار، وسرعة رافعات السحب التابعة لها باعتبارها الطرف الأقوى في معادلة التعامل.
ما يغيب عن إدراك موظفي «مواقف» أن الخدمات الرقمية الذكية وجدت لإسعاد وراحة المتعاملين لا إرهاقهم وحرق أعصابهم، واختبار صبرهم بهذه الطريقة المرهقة البعيدة كل البعد عن الغاية السامية في تسهيل وصول المتعاملين للخدمات.
أتمنى من إدارة «مواقف» إدراك ما يجري بمراجعة قدرات الموقع الخاص على تحمّل الضغط، وتسهيل الوصول إليه لإنجاز المعاملات، وإعادة تفعيل وتوسيع شبكة مكاتب الطباعة من أجل إيجاد بدائل أكثر أمام المتعامل، أو إرجاء بدء التفعيل، ريثما تكون جاهزة للتعامل مع الطلبات الواردة والحالات المتراكمة جراء فترة الإغلاق والإعفاء، وغير ذلك من الحلول التي يمكن أن تتبناها لإسعاد المتعاملين معها بعيداً عن منطق وعقلية المخالفات والنظر في التظلمات والاعتراضات على مخالفات مترتبة على عجز الموقع عن استيعاب المتعاملين خلال الأيام القليلة الماضية.
لنتذكر جميعاً، وبالذات «إدارة مواقف» أن نجاح هذا المشروع الحضاري يتطلب ممارسات حضارية تبدأ وتنتهي بـ«مواقف».