بقلم : علي العمودي
«واي فاي» أو الاتصال اللاسلكي بالشبكة العنكبوتية، تحول في مجتمعنا وغيره من المجتمعات في المنطقة، إلى إدمان يصعب الفكاك أو التعافي منه، خصوصاً عند الأجيال الشابة.
هناك في بعض المجتمعات الغربية بدأت صيحات التحذير من هذا الإدمان الذي يختلف الناس حوله، بل تبلورت مواقف للتصدي له. وظهرت مقاهٍ ونوادٍ تضع لافتات على واجهاتها تقول «إذا كنت غير مدمن للواي فاي، فمرحباً بك». وهناك أخرى تقول «لا يوجد لدينا (واي فاي) تحدثوا مع بعض، تذكر آخر مرة اتصلت فيها بوالدتك».
وسمعنا عن آباء وأمهات أصبحوا يشترطون عدم إدخال الهواتف النقالة على الأبناء والأحفاد عند زيارتهم الأسبوعية لـ «البيت العود». ولا شك هي صيحات ومواقف رفض لهذه التقنية الجديدة التي تحولت إلى أداة عزلة على يد الكثيرين منا. وهناك نكتة كانت تردد، ولكنها أصبحت تعكس الواقع المرير داخل البيت الواحد، تقول النكتة إذا أردت أن تعرف بوجود كل من البيت، عليك بفصل «النت». وهناك أخرى تُروى على لسان شاب يقول «اكتشفت إن أهلي في البيت طيبين، بعد انقطاع النت».
نعيد التذكير بما أحدثته من تغيير هائل في حياتنا هذه الأجهزة الصغيرة التي هي بين أكفنا، خاصة فيما يتعلق بالعزلة الاجتماعية والأسوار والحواجز العالية التي وضعتها بين الناس.
لا أحد يرفض التقنية، ولا ينكر إيجابيات «التطبيقات الذكية»، وكيف سهلت الأمور في إنجاز الكثير من المعاملات، واختصرت المسافات والوقت والجهد، ولكن سوء الاستخدام مسؤولية المستخدم الذي يفترض به التحكم بوقته واستغلاله بصورة مُثلى بشيء من التنظيم، واحترام حق الآخرين عليك. فكم من أب أو أم أو حتى صديق لم ير الآخر منذ زمن ليس بالقصير، وعندما يكون معه في تلك اللحظات يستهلك جلها في مطالعة هذا الجهاز الصغير بين يديه من دون أن يدرك أثر الحركة على من جاء للجلوس معه.
وفي ليالي الشهر الكريم، تنشط المجالس التي يقبل عليها الجميع باعتبارها أحد أقوى مظاهر التواصل الاجتماعي في مجتمع الإمارات، بل توصف بأنها «مدارس»، ولكنها اليوم مجالس غير تلك التي كنا نعرفها، فأبرز ما فيها اليوم انشغال كبار السن بأحاديثهم، وتفرغ الشباب لمتابعة ما يرد على شاشات أجهزتهم من «الجروب» و«السناب».. والحق علينا لا على «الواي فاي»