بقلم - علي العمودي
في مثل هذا الشهر قبل ثلاث سنوات، افتتح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة مدرسة الخدمة الوطنية لحرس الرئاسة في معسكر سيح حفير، وقال جملته الشهيرة التي عبرت عن رؤيته القيادية في الاستثمار في البشر عندما قال إن «الدول لا تقاس بحجمها بل بإرادة شعوبها»، ومن هذا المنطلق وتلك الرؤية الثاقبة كان «إيمان الإمارات الراسخ بمحورية مواردها البشرية العاملة في المواقع والميادين كافة في تعزيز مكانة الدولة وإعلاء موقعها ورفع شأنها بين بلدان العالم»، كما قال سموه، ويذكر بتقدير واحترام كبيرين كل من كوريا وسنغافورة اللتين اختتم زيارته الرسمية لهما قبل يومين. وقد كانت بمثابة رحلة للمستقبل، بما شهدته من نقلة للعلاقات مع البلدين الصديقين باتجاه الشراكة الاستراتيجية، جعلت الإمارات أكبر شريك في المنطقة للنمرين الآسيويين اللذين قدما للعالم أنموذجاً ملهماً لبناء الدول، ونهضة الشعوب من بين ركام الفقر والحاجة.
قبل سنوات عدة، وتحديداً في صيف 2011، وضمن المحاضرات الرمضانية في المجلس العامر لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، تحدث البروفيسور كيشور محبوباني عميد وأستاذ تطبيق السياسات العامة في كلية «لي كوان يو» السنغافورية، وسفير بلاده الأسبق في الأمم المتحدة، عن رحلة نموها، والتي بدأت على يد مؤسسها الذي تحمل الكلية اسمه، وبدأت بالاستثمار في البشر، والاعتناء بالمعلم، والشفافية والحكم الرشيد، والتي جعلت من بلد بلا موارد طبيعية، وكانت عبارة عن مستنقعات تستوطنها الأوبئة والأمراض، وتستورد حتى مياه الشرب من جيرانها، إحدى أكثر دول القارة الآسيوية تقدماً، وأعلاها دخلاً للفرد. كان الجندي الإنجليزي عندما يتم استدعاؤه للخدمة فيها يكتب وصيته لأهله، لفرط ما كانت تفتك الحمى والملاريا بأقرانه خلال الوجود البريطاني في الجزيرة. وفي كتابه «من العالم الثالث إلى الأول: قصة سنغافورة 1965-2000»، يروي مؤسسها لي كوان يو قصة نجاح الجزيرة في أقل من خمسة عقود.
خلال الحقبة ذاتها، كان «الطريق الوعر» لكوريا الجنوبية، كما وصفه في كتاب سيرته الذاتية الرئيس الكوري الجنوبي الراحل «لي ميونج -باك»، حيث شقت بدورها طريقها لتكون اليوم موئلاً للابتكار، وإحدى أكبر الدول الصناعية المتقدمة ولا سيما في مجالات التقنيات والعلوم المتقدمة. إنها إرادات الشعوب عندما تختار أن تنهض بعيداً عن تجار الشعارات.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن جريدة الاتحاد