بقلم : علي العمودي
يحل علينا عام هجري جديد، لم يكن ليعلم بقدومه الكثيرون، أو يعرفوا برحيل سابقه إلا مع إعلان الإجازة الرسمية الخاصة به، فالعام الهجري يحل ويرحل من دون صخب، ولكن يوم استقبال العام الهجري الجديد يذكر من يريد أن يتذكر بعظم المناسبة ودلالتها، وما تحمل من عبر ودروس بهجرة خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم، من مكة
المكرمة إلى يثرب التي أنارها قدومه لتصبح المدينة المنورة. وفيها أرسى أولى دعائم مجتمع المدينة والإسلام، بنشر قيم المواطنة والمساواة والإخاء والعدل والتسامح والتعايش، لتنطلق من أول عاصمة للمسلمين أسس بناء الدولة الإسلامية، والتي امتدت بعد ذلك من تخوم الصين شرقاً وحتى الأندلس غرباً. وأقبلت تلك المجتمعات على دين الحق لما حمل لها من نور يبدد ظلمات الجهل، وعدالة تمنع ظلم الإنسان لأخيه الإنسان. وشاهدنا كيف سطع نور الحضارة الإسلامية ليثري بالعلوم الثقافة والمعرفة الإنسانية، وحيث ما زالت علوم العصر تدين بالفضل لعلماء عصر النهضة الإسلامية ومساهماتهم التي أضافت الكثير للثقافة الإنسانية.
مناسبة جليلة عظيمة نستحضر فيها تلك القيم العظيمة التي أراد البعض اختطافها من دين الحق، وتوظيفه لصالح أجنداتهم الخبيثة وأوهامهم المريضة، وشكلوا أرضية خصبة تناسلت منها العصابات الإرهابية المتطرفة التي عاثت في كثير من المجتمعات خراباً ودماراً، وقتلًا وتنكيلًا وتشريداً، وحظيت بدعم رعاة الإرهاب المعروفين في المنطقة ممن روجوا وزينوا لهم أفعالهم الخسيسة.
لقد كانت الأبواق والمنصات التي تنطلق من طهران والدوحة وأكشاك الارتزاق التابعة لحزب الشيطان في بيروت ومن يواليها في لندن وغيرها من العواصم، تؤجج الكراهية وتحض على العنف والاحتراب بين مكونات المجتمعات المسلمة بإثارة الفتن والنعرات الطائفية والمذهبية. وتابعنا كيف تعمل جاهدة على زعزعة استقرار هذه المجتمعات واستهداف السلم الاجتماعي فيها بترويج الأكاذيب وإذاعة الافتراءات في مسلك يناقض واجب الأخ نحو أخيه، وما أكدته القيم التي بنى عليها المبعوث متمماً لمكارم الأخلاف مجتمع المدينة، من محبة، وتآلف، وحسن تعايش، وقبول بالآخر والاعتراف به، وبالاختلاف بين البشر والثقافات.
نستقبل العام الهجري الجديد بأخلص الدعوات أن يحفظ الله قائد مسيرتنا خليفة الخير وإخوانه الميامين ويديم على الإمارات وشعبها العز والخير والرخاء والازدهار، وكل عام والجميع في خير وسلام وأمن واستقرار.