بقلم : علي العمودي
قبل أقل من ستة عقود، كانت أبوظبي والعين وبقية مناطق الدولة تعاني أوضاعاً صعبة للغاية جراء قسوة الحياة وشظف العيش، وكانت «واحدة من كل ثلاث نسوة تتوفى أثناء الولادة، ولا تكتب النجاة إلا لمولود واحد من كل اثنين»، وبنظرته الثاقبة وروح التسامح التي عُرفت عنه، رحب القائد المؤسس بفكرة قدمها له رجل وامرأة قدما من كندا عام 1959، وعرضا حينها إقامة مستوصف لتقديم العلاج في مدينة العين وكنيسة لأبناء الجالية المسيحية لممارسة شعائرهم، وسرعان ما توسع المستوصف ليتحول إلى مستشفى باسم «الواحة»، وتحسنت معه الأوضاع الصحية في المنطقة، وتدنت نسبة الوفيات بين الأطفال والنساء، والتي كانت مرتفعة في تلك الأيام حيث وصلت إلى نسبة 50 بالمائة، لتصبح اليوم 0.5، بالمائة، ووصل عدد المواليد في ذلك المستشفى ذي البدايات المتواضعة لما يقارب المائة ألف مولود.
لمحة من واقع الأوضاع الصحية الصعبة التي كانت سائدة أعادها إلى الأذهان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ذات يوم من شهر أبريل عام 2006، لدى استقبال سموه وفداً من مستشفى الواحة، مكرماً أولئك الرجال والنساء الذين شهدوا البدايات الأولى للمستشفى، محيياً إياهم وذكرى من رحلوا منهم، معبراً عن الوفاء لهم، مؤكداً أن «أقل ما يمكن أن نكافئهم به هو تطوير وتوسعة المستشفى وزيادة غرفه من 40 غرفة إلى 200 غرفة» بناءً على توجيهات قائد المسيرة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وذلك في إطار خطط وبرامج تحديث الخدمات الصحية وتطويرها في البلاد.
استعادة هذه الصور والمواقف مهم لترسيخها في ذاكرة الأجيال واستحضار عظمة المنجزات والمكتسبات التي تحققت بفضل من الله وجهود القيادة الرشيدة، وإدراك حجم النقلة الهائلة التي تحققت في كل ميدان ومجال، وبالذات في جانب الخدمات الصحية، حيث حلت دولة الإمارات في المركز الأول عالمياً للعام الرابع على التوالي في عدد منشآتها الصحية المعتمدة من اللجنة الدولية لاعتماد المنشآت الصحية، حيث بلغ عدد المعتمد منها178 مستشفى ومركزاً. كما جاءت في المراكز الأولى عالمياً في عدد المراكز والمختبرات المتخصصة ضمن نظام المراكز الموحدة، وهي تستعد لتكون وجهة رائدة للسياحة العلاجية في المنطقة بعلامة امتياز إماراتية.