بقلم - علي أبو الريش
كون الفلسفة هي حب الحكمة، فهي أيضاً محاولة شديدة العناد للتفكير بوضوح.
وهكذا الحب، فهو فلسفة الحياة من غير غبار ولا سعار، إنه الحكمة ممزوجة بوردة العطاء من دون شروط، إنه الإمكانية العميقة في الولوج إلى عالم الوضوح والتفكير من دون لجلجة، حيث تكون للحب، كما للفلسفة، شفاه لا ينضب رضابها، ولا يجف حبرها، ولا يخف وجيبها، ولا يكف لهيبها، ولا يسف بوحها.
نحن في فلسفة الحياة، ندخل دائرة الحب، كما تخرج الشرنقة إلى فضاء الشفافية، وكما تبدو الأوراق على براعم الغصون، وهي ترتل لحن الوجود، بأناة وتؤدة، وهي ترتب شذاها، كي يهفو الطير إلى العطر من غير قلقلة، ومن غير حزن تاريخي يؤجل مراحل الفرح.
الفلسفة، والحب نهران لسحابة سماوية واحدة هما في الوجود خطوات فوق صهوة سحابة عارمة في الصهيل، هما جبلان لتضاريس حلم لم تغبشه دهشة الصورة الليلية.
الحب والفلسفة، جوادان في الرحلة الطويلة، باتجاه الحياة، فكما أن الحياة من دون حب، تصبح كالوادي السحيق، فإن الحياة من دون فلسفة، هي نخلة عجفاء خاوية، ولا مجال للتفكير بوضوح، عندما تغتال الفلسفة، ويختطف الحب، لأسباب خارجة عن نسق الغريزة لأسباب يتصورها الخاوون، إنها لحظة اقتحام الذات لدائرة الوجود، فينسجون خيوط الوعي، من دون قماشة لمعطف الحياة.
فلو تصورنا أن الحياة من دون حب، سنجد أن العلاقة البشرية مثل العلاقة ما بين الخشب والنار، إنها علاقة احتراق أبدية، لا تسفر إلا عن فحمة التلاشي.
نحن في الفلسفة نسكب الماء على عشبة القلب، نحن في الحب نستدعي الغيمة كي تمطر على جبين المعرفة، فتبدو المسافة ما بين الإنسان، والإنسان، مثل العلاقة ما بين النبضة والقلب.
عناد الأزلية لا ينفي لهج الأبدية، في التواصل ما بين المتممات، لأسباب الوجود.
نحن في الفلسفة نستدعي حكمة الطبيعة كي تنبت أفكارنا، كما تنبت الشجرة من باطن البذرة.
نحن في الحب نستعيد مكانتنا في العالم، ونضع وردة على كل حبة رمل تلمسها أقدامنا، نحن في الحب نكمل دائرة الوجود الذي توقظه الفلسفة، كلما فتحنا مختار الصحاح، وانتقينا مفردة اللغة، لتتجلى محاسنها بالكناية، والتشبيه ليصبح الحب المشبه، والفلسفة المشبه به.
هذه حكاية لم تخطر على بال الوردة عندما أسهبت في ترتيب جمالها، وتهذيب عطرها، لكنها بالتقائية الموجودات بدت هكذا، ولذا كي نصير كالوردة، يجب أن نتحلى بالعفوية، يجب أن نكون بسمة الوردة، وخصال النهر في العطاء.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن صحيفة الأتحاد