علي العمودي
منذ أن أعلنت شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك للتوزيع» عن بدء المرحلة التجريبية لخدمة تعبئة الوقود الذكية الذاتية، وجدل يحتدم على مواقع التواصل الاجتماعي وبرامج البث المباشر بين مؤيد للخطوة ومتحفظ عليها.
المتحفظون على المبادرة التي ستكون إلزامية اعتباراً من شهر أكتوبر المقبل، يقدمون مبررات واهية حول أسباب تحفظهم على الخطوة الحضارية ذات الأهداف الإيجابية من منظور الشركة الوطنية التي لها مبرراتها في الخطوة، ليس في مقدمتها الجانب المادي أو كلفة العمالة المنتشرة في محطات الخدمة، فهي أساساً عمالة رخيصة ولا تتطلب تأهيلاً عالياً أو غير اعتيادي.
جل تلك التحفظات كانت تنصب على المرأة، وكيف أن من غير اللائق نزول المرأة لتعبئة البترول بنفسها أو في حالة وجود سائق مسن، وتناسوا أن مجتمع الإمارات تجاوز هذه الأمور، لاسيما بعد وجودها بقوة في سوق العمل، ومشاركتها بقوة في مختلف ميادين العطاء. كما أن محطات «أدنوك» تعد صديقة لجميع الفئات العمرية وحتى لذوي الاحتياجات الخاصة.
وجاءت مشاركة معالي نورة الكعبي وزيرة الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي في الفيلم الترويجي للخدمة الجديدة والتعريف بها، لتؤكد أنها ليست بتلك الصورة المرهقة للمرأة ولغيرها، فهي خدمة تتم بانسيابية وسهولة ويسر. وتأتي مواكبة لرؤية أبوظبي 2030 وجهود ومبادرات الدولة للتوسع في الحلول الذكية والتقنيات الذكية. بل إن البعض أصبح يراهن من الآن على فشل التجربة لتصوره أن المواطن سيعزف عنها، وبالتالي ستتراجع الشركة عن الخطوة، متناسين أن لا عودة عن مثل هذه الخيارات التي تصب أولاً وأخيراً في مسار أهداف استراتيجية رسمتها القيادة الحكيمة. لأنها تتعلق بجهود تقليل الاعتماد على العمالة غير المؤهلة أو الهامشية.
تجد البعض منا يمضي سنوات دراسته في أوروبا وأميركا متصالحاً مع منصات الخدمة الذاتية في محطات الوقود أو غيرها، وعندما يجدها هنا يظهر امتعاضه من دون سبب واضح، وتجده يرفضها متعذراً، بأنها غير ملائمة للمرأة!! وكأنما قد أصبح وصياً عليها.
نحن مدعوون ليس لدعم هذه المبادرة فحسب، وإنما التوسع فيها لما فيه من مردود إيجابي على صعد مختلفة، في مقدمتها-كما أسلفنا- تخفيف الاعتماد على العمالة متوسطة المهارات، ولعل في الخدمة الذاتية لتعبئة الوقود البداية لمبادرات مماثلة، تعود بالنفع على المجتمع ومن فيه، لاستعادة شيء من التوازن لخلل التركيبة السكانية.