الوحش الذي لا نريد قتله

الوحش الذي لا نريد قتله

الوحش الذي لا نريد قتله

 صوت الإمارات -

الوحش الذي لا نريد قتله

عائشة سلطان
بقلم - عائشة سلطان

تُشَبِّه المجرية أغوتا كريستوف صاحبة ثلاثية «الدفتر الكبير»، شغف القراءة لديها بالمرض، فتقول: «أقرأ، نعم، الأمر أشبه بالمرض، أقرأ كل ما تقع عليه يداي أو عيناي، جرائد، كتباً مدرسية، ملصقات، قصاصات ورق مطروحة في الطريق، كتب أطفال، وصفات طبخ، كل شيء مطبوع..»، في صغري كنت أشبه أغوتا، ووالدتي هي التي غذت هذا المرض في روحي.

نطل اليوم على رواية «الدفتر الكبير» التي سجلت فيها كاتبتنا سيرة الحرب البشعة التي نسفت حياتها، من خلال حكاية طفلين، ترمي بهما والدتهما بعيداً، لنرى لاحقاً ما الذي فعلته تلك الحرب بهما، تماماً كما فعلت بالكاتبة نفسها.

تكتب أغوتا بشكل خافت عن غارات الطائرات وهي تلقي القنابل على رؤوس السكان في بيوتهم وحدائقهم، فيتشظون في أمكنتهم، لكنها تحفر عميقاً في أرواح أولئك الذين يدفنون أمهاتهم في الحفرة نفسها التي أحدثتها القنبلة في الحديقة، ثم يهيلون عليهن التراب، وينصرفون لتناول الغداء، هكذا وبهذه القسوة المتجردة من أي مشاعر وانفعالات، هكذا تزجّ بنا الروائية المجرية أغوتا كريستوف، في خضم روايتها البديعة «الدفتر الكبير»!

بمهارة قاسية، تسجل الكاتبة يوميات حياة طفلين توأمين في السادسة من عمرهما، تودعهما والدتهما عند جدتهما المشعوذة البخيلة، لأنها أصبحت عاجزة عن إطعامهما وحمايتهما من ويلات الحرب، فيعيش الطفلان ظروف الحياة القاسية، في ظل الحرب، مع جدة بخيلة وبشعة، ويتقبلان كافة اشتراطاتها.

تكتب أغوتا بطريقة مؤلمة، تشرح كيف يتفتح وعي الصغيرين خلال الحرب، على انهيار قسوة الأم والجدة والأب والجارة والضابط، والجميع دون استثناء، إنها أخلاق الحرب، التي تدمر ما هو أهم من البيوت، لقد لوّثت الحرب الطفلين كما فعلت بكل الناس، ومحت كل أثر للطفولة والبراءة فيهما، إنها الحرب، هذا الوحش الذي لا تريد البشرية قتله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوحش الذي لا نريد قتله الوحش الذي لا نريد قتله



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates