بقلم - عائشة سلطان
لا يتوقف الإنسان عن البحث في الأرض والتنقيب في باطنها، والحفر في طبقاتها، بحثاً عن الثروات والمعادن والمياه كما للوصول إلى أسرار الأزمنة، وما غاب عنا من ألغاز الحضارات وكنوزها، إن ارتباط الإنسان بتاريخه، وتلك الرغبة الكامنة لمعرفة ما كان، وما حصل منذ مئات بل وآلاف السنين، إضافة لنزعة حفظ الذاكرة البشرية، كل ذلك دفع بالإنسان أن يؤسس لعلم التنقيب والحفريات الأثرية، الذي تطور مع الزمن وتفرع إلى مجالات عديدة.
فكما بحث الإنسان عن الآثار ولاحَقَ الحفريات، فقد نقّب في أغوار داخله المجهول والمظلم أحياناً، فاخترع علم التحليل النفسي محاولة للوصول إلى أسرار نفسه، وألغازها ومجاهيلها، وللوصول إلى أغوارها المجهولة والمحتجبة خلف أستار وطبقات من الزمن والنسيان والإنكار والجهل، إن تفكيك هذه الحجب سهّل بشكل كبير فهم وتفسير تصرفات وسلوكيات الإنسان في حاضره، عن طريق ربطه بكل ما مر به، وواجهه في طفولته المبكرة!
لقد واجهنا جميعنا الكثير من المواقف والتجارب، التي سببت لنا آلاماً وجراحاً حقيقية، لكن قدرتنا الهائلة على الصمود والتعافي جعلتنا نقذف بتلك المواقف الصادمة والجارحة، التي تعرضنا لها في طفولتنا إلى منطقة غائرة في لاوعينا، ثم لاحقاً نسيناها مع مرور الوقت أو هُيِّئ لنا أننا نسيناها، وأنها تحللت، واختفت إلى غير رجعة!
إن كل ما ضاعف إحساسنا بالنقص أو عدم الثقة أو عرضنا للألم، ودفعنا للشعور بالخجل أو الفشل أو التضاؤل أمام الآخرين لم يختفِ، ولم يذهب إلى أي مكان، لذلك فكثير من تصرفاتنا اليوم، والتي تستوقف بعضنا وتدهشنا، وتدفعنا للتحسر على البعض، مرجعها إلى كل ما لم يتم علاجه، والتعامل معه بطريقة واعية وصحية!
إن من أكثر ما يفضح البعض هو شعوره بالنقص أو الضآلة، الأمر الذي يجعله ينتسب إلى الآخرين، ليحظى بالاعتراف والمكانة، التي يتمناها، وهذا أكثر ما تفضحه صفحات مواقع التواصل!