بقلم - عائشة سلطان
تذكرت تلك اللحظة التي دخلت فيها تلك المدينة وشعرت منذ اللحظة الأولى بالتوجس وعدم الارتياح، كنت قد نسيت تماماً ما تناقلته نشرات الأخبار حول عدد من المواجهات ذات الصفة العنصرية ضد اللاجئين العرب، لقد راهنت على خيار التحضر عند هؤلاء، لكنني ما إن جلست على أول مقهى حتى تلبَّسني ذلك الشعور الذي لا يخطئ بأنك شخص غير مرحب به، وأن عليك مغادرة المكان في الحال، لقد تأكد لي ذلك بشكل قاطع من سلوك النادلة الشقراء ذات الوجه العابس والمتوتر!
يومها، تساءلت عن آلاف الناس الذين يدفعون حياتهم ووظائفهم ثمن أحكام جائرة تطلق على أمَّة أو على أصحاب ديانة معينة، لأن شخصاً أو مجموعة منهم ارتكبت عملاً إرهابياً ما، فبعد اتهامنا جميعاً عرباً ومسلمين بالعداء للغرب بعد حادث تفجيرات نيويورك ووصمنا بالإرهاب، وشنّت حروب ضارية على منطقتنا، يومها كان مستحيلاً أن نتجنَّب تلك النظرة المعادية والكارهة لنا!وقد تساءلنا يومها؛ هل نحن إرهابيون فعلاً؟
هل نولد بهذه الخاصية كما نولد بعيون سوداء وبشرة سمراء؟ هل نحن من اخترع الإرهاب فعلاً؟ هل هو اختراعنا الحصري المقيت؟ وهل سيدوم هذا الحكم طويلاً؟ وهل يحق لنا أن نحاسب الآخرين على تاريخهم المليء بالإرهاب والقتل والإبادات الجماعية ضد أمم وشعوب الأرض زمن الكشوفات والاستعمارات الكبرى؟ أم أن منطق القوة يسمح لهم بما لا يتيحه لنا منطق الضعف؟
استوقفني الدليل السياحي وهو يتحدث شارحاً سبب بناء الكنيسة الشهيرة ذات القباب الملونة في مدينة سانت بطرسبيرغ، ما جعلني أستعيد ذلك الموقف، خاصة حين ذكر أن القيصر ألكسندر الثاني كان قد تعرض للاغتيال على يد إرهابي بواسطة قنبلة يدوية في المكان نفسه الذي بنيت فيه الكنيسة!
إن ما قام به ألكسندر الثاني من إصلاحات وأعمال عظيمة كتحرير العبيد في روسيا عام 1861، يجعله جديراً بالتقدير لا الاغتيال، حتى إنهم أطلقوا عليه لقب «القيصر المحرر»، ومع ذلك وفي طريق عودته إلى قصر الشتاء، اغتاله أحد الإرهابيين في 13 مارس 1881! إذن فالإرهاب لا دين له ولا قومية!