بقلم - عائشة سلطان
«إن الطريق إلى الحقيقة يمر من القلب، لا من الرأس، فاجعل قلبك لا عقلك، دليلك الرئيس، واجه، تحدَّ، وتغلب في نهاية المطاف على «النفس» بقلبك؛ لأن معرفتك بنفسك ستقودك إلى معرفة الله».
جاءت هذه العبارة في كتاب «قواعد العشق الأربعون» للروائية إليف شافاق التي رصدت فيه رحلة التحول الفارقة التي مر بها العالِم والفقيه والشاعر جلال الدين الرومي بعد لقائه بقطب التصوف الباحث عن الله والحقيقة والحب شمس التبريزي، لقد ترك هذا اللقاء في نفس الرومي تأثيراً مزلزلاً نقله من حياته الوادعة إلى حياة أخرى تماماً اكتشف فيها ذاته الأخرى التي ظلت غائبة عنه زمناً.
كثيرون مروا بحالة التحول الجذري الذي شمل حياتهم كلها بدءاً بحالتهم الوجدانية وتوجهاتهم وأفكارهم وحتى مهنهم وعلاقاتهم الأسرية وتعاطيهم مع الحياة والدين والصداقة والحب والموت، ما يعني أننا نحتاج أحياناً لما يشبه الزلزال أو العاصفة التي إذا اجتاحت حياتنا لم تتركها كما كانت، لكنها تعيد ترتيبها ووضع نقاط على الحروف الصحيحة.
في المقابل وبعيداً عن التحولات فنحن دائماً ما نحتاج لطاقة جبارة نكتشفها في داخلنا أحياناً، وقد نعثر عليها أو تأتينا من محيطنا، هذه الطاقة قد تكون معرفة أو توجيهاً أو إلهاماً يقدمه لنا أشخاص بعينهم، يمكننا من عبور النهر للضفة الأخرى بثقة، بعد أن تكون أقدامنا قد غاصت في مكانها طويلاً!
إن ما يغير طريقنا وبالتالي حياتنا بهذا الشكل لا يمكنه أن يتحقق في ظلال الدعة والهدوء والراحة، ما نريده قد يبدو صعباً في أحيان كثيرة، مع ذلك لابد من المحاولة والمجازفة والتضحية بما بين أيدينا، لابد من الإيمان بالنفس وبأن التغيير بحاجة لقلب جسور وتضحيات من نوع ما.