بقلم - عائشة سلطان
ينغمس كثير من الناس في أسلوب حياة قاسٍ جداً وأحياناً يكون غير محتمل، إن أكثرنا يعرف أناساً من هذا الطراز، فقد يكونون أقرباءنا أو أصدقاءنا، إنهم يقسون على أنفسهم دون تفسير واضح لهذه القسوة التي يستسلمون لها مرغمين أحياناً!
أعرف سيدة مهووسة بفكرة التفوق، وبالذات أمام زوجها، هناك مشكلة ما تقبع في تلافيف دماغها تجعلها تدور في فلك فكرة الجري يميناً وشمالاً وبوقع متسارع جداً، لتنجز في أسبوع ما يحتاج شهراً لإنجازه، كيف يمكن إذن أن ينعكس ذلك على صحتها، على قواها النفسية، مزاجها، وعلاقاتها بمن حولها ؟ بلا شك سينعكس سلباً، ولكنها لا تبالي، الرحى تطحنها دون أن تشعر، وحين تعلق في زحام السير تنتابها رغبة في الدخول بأقصى سرعتها في كل السيارات التي أمامها، ليس جنوناً فقط ولكن لأنها لم تعد تحتمل البطء أو الانتظار، أو أن يعطلها شيء ما حتى لو كان ظرفاً عادياً أو أصبح عادياً في حياتنا كالزحام !
وأعرف رجلاً يسافر إلى جهات الدنيا الأربع خلال شهر وربما أقل، يتابع أعماله كما يقول، تجارة هنا، عقد صفقات هناك، ولقاءات عمل، وأشياء أخرى، لا يلتقي أبناءه من زوجة سوى بطريق الصدفة أو إذا جاءوا لزيارته كضيوف لأنهم يعيشون مع والدتهم، أما أبناؤه الذين معه في المنزل فيخرج وهم نيام ويعود متأخراً وهم نيام أيضاً، مع ذلك فهو يعتبر نفسه رجلاً ناجحاً بكل المقاييس، فإذا صادف وهدأت وتيرة العمل واللقاءات والأسفار، ووجد نفسه في المنزل دون انشغال، من المؤكد أن يصيح بزوجته ويشكو كامرأة مهجورة أو كرجل متقاعد، انه الاعتياد على الانغماس في الانشغال، هرباً من أمور أكثر أهمية !!
كثيرون ينغمسون في هكذا أسلوب حياة هروباً من إشكالات أكثر حدة، البعض يهرب من فشله العاطفي، البعض يهرب من فشله في حياته الزوجية، البعض يهرب من احتياجاته التي يرى فيها شكلاً من أشكال الضعف ربما، والبعض يعوض بهذا الهروب عن نقص معين، وعن احتياجات كامنة منذ الطفولة أو المراهقة، خاصة ذلك الاحتياج للتقدير والرضا في عيون الآخرين، وأيضاً الإعجاب والانبهار، كثير من الرجال يدفعون حياتهم وأموالهم بحثاً عن ذلك !
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن صحيفة البيان