بقلم - عائشة سلطان
كل مبدع هو بالضرورة إنسان وحيد بشكل أو بآخر، ليس شرطاً أن تكون وحدته مادية، في المنزل أو في الحياة، فالوحدة بالنسبة للمبدع الحقيقي تتجلى في التفرد والاختلاف وعدم المشابهة، فهو وحيد في أفكاره، وفي اقتحامه ميادين لا يجرؤ الآخرون على الاقتراب منها، وهي وحدة تحسب له حتماً.
وهناك تلك الوحدة التي يتحاشاها الجميع، الوحدة التي لطالما كانت موضوع أحاديث طويلة مع الأصدقاء، والتي قرأنا عنها دون أن نصل إلى معرفة ماذا كانت أبعادها الأخلاقية على المتورطين فيها: إلى أين قادتهم؟ وبماذا وسوست لهم؟ وكيف أَلِفوها؟
لنسمع ماذا تخبرنا تلك المرأة «إيلينا» بطلة رواية «هكذا كانت الوحدة»، والتي خبرت الوحدة جيداً بعد وفاة والدتها، وقطيعة ابنتها واكتشافها خيانة زوجها!
تقول إيلينا: «الوحدة كانت هكذا، أن تجد نفسك فجأة في العالم، كما لو أنك انتهيت لتوّك من المجيء من كوكب آخر، لا تعرف لماذا طُردت منه. لقد سمحوا لك بإحضار شيئين (في حالتي المقعد والساعة اللذان ورثتهما عن أمي) تحملهما على عاتقك حتى تجد مكاناً تُصلح فيه حياتك مع ذاكرة مشوشة عن العالم الذي أتيت منه».
«والوحدة هي عملية بتر غير مرئية، كما لو كانوا ينزعون عنك السمع والبصر، وباللمس والذاكرة فقط يتوجب عليك أن تعيد بناء العالم الذي يجب أن تسكنه».
«إيلينا» المرأة التي وجدت نفسها وحيدة في سن الثالثة والأربعين مع أنها تملك كل شيء ستستأجر «تحرياً خاصاً» ليراقب زوجها، ثم حين أصابها الملل طلبت منه أن يراقبها ويرسل لها التقارير!
إنها الوحدة والرغبة في أن تكون جزءاً منتمياً لشيء أو عالم ما دفعها لكل ذلك، دون أن تدرك أنها في الحقيقة كانت تقطع كل صلاتها مع ذلك العالم الذي تحرص على الانتماء إليه، ذلك أنها سقطت في عمق الوحدة!