المطر لا يصعد من الأرض

المطر لا يصعد من الأرض

المطر لا يصعد من الأرض

 صوت الإمارات -

المطر لا يصعد من الأرض

عائشة سلطان
بقلم - عائشة سلطان

ظل الأطفال والنساء والرجال في تلك القبيلة المنسية في أقاصي الجبال، ولزمن طويل جداً، يتوارثون اعتقاداً يبدو غريباً، هو أن المطر في قبيلتهم يصعد إلى السماء وليس العكس، سكان هذه القبيلة كانوا يواجهون آلامهم وجراحات الحب بالحكايات، ويمرِّرون الوقت بالغناء، لكنهم لا يعرفون شيئاً عما يحدث في العالم.

كانوا يعتقدون أنهم هم العالم، إلى أن قررت الحكومة المركزية أن تبني لهم مدرسة وترسل لهم معلمين، فكأن القبيلة قد ازدادت جهة إلى جانب الجهات الأربع، جهة خامسة تطل على العالم.

بعد افتتاح المدرسة قدم تجار وضيوف، وخرج الصبية والشباب إلى المدينة ليكملوا تعليمهم، فرأى أهل القرية الشاي والملابس الغربية والجوارب لأول مرة في حياتهم، تغيرت القبيلة ولم يعد عالم أهلها كما كان، وعندما عاد إلى القرية رجل كان قد رافق ابنته للعلاج في بلاد أجنبية، صار يروي لهم مشاهداته عن النساء والمنازل والحدائق والسيارات والتلفزيون والهواتف، فأشعل بحكاياته مخيلتهم، وأصاب قلوبهم بلوثة الفضول التي لا شفاء منها.

فحين نقرأ كتاباً أو نجلس إلى رجل يعرف أكثر، أو امرأة سافرت إلى الأقاصي وعادت بالحكايات والأسرار، فإننا نضيف مدينة إلى مدينتنا، وجهة إلى جهات شغفنا، ونافذة أخرى داخل عقولنا، تماماً كما حصل مع أطفال ونساء ورجال تلك القرية. لقد ازدادت النوافذ التي يطلون منها على العالم، لم تعد القبيلة هي كل العالم، ولم تعد تلامس السماء، أخيراً، اقتنعوا بأن المطر يأتي من السماء ولا يصعد من الأرض.

كل واحد منا في هذه الحياة يشبه تلك القبيلة، حتى اللحظة التي يقرر فيها أن يفتح نوافذ عقله وقلبه، ليرى ماذا يوجد خلف الجدران والأسوار، أول ما نكتشفه أن النوافذ كثيرة جداً، وأننا كلما فتحنا واحدة اكتشفنا قدرتنا على الرؤية أكثر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المطر لا يصعد من الأرض المطر لا يصعد من الأرض



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates