بقلم - عائشة سلطان
عدة ميزات تصم رواية «النبيذة» للروائية العراقية إنعام كجه جي، التي يتألق حضورها في المشهد الروائي العربي، إذا ما تذكرنا رواياتها: «سواقي القلوب»، «الحفيدة الأمريكية»، التي وصلت إلى القائمة القصيرة للبوكر عام 2009، «طشاري» التي وصلت إلى القائمة القصيرة للبوكر 2014، و«النبيذة» التي انضمت للقائمة القصيرة هذا العام 2019.
نحن إذن أمام روائية ذات تاريخ سعيد مع «البوكر»، وهي، وإن كانت تعيش في باريس منذ سنوات، حيث تمتهن الصحافة والكتابة الروائية، إلا أن العراق حاضر في كل هذه الأعمال، وبقوة، ما يبدو أنها محاولة للتخفف من ضغط ما آل إليه وضع العراق المتدهور، الذي ابتعدت عنه منذ زمن!
رواية «النبيذة»، هي الثالثة من روايات اللائحة القصيرة التي نستعرضها اليوم، وهي رواية مليئة حد التخمة بالسياسة والتاريخ، كما لم تنجُ من صوت الشجن والحنين الذي سيطر على مسارات العمل، وسواء كان الراوي «الصحافية تاج الملوك» أو «وديان الملاح» أو «منصور البادي»، فإن الصوت لا يبارحه الأسى على ما كان، والخوف مما كان، والندم على كل ما كان، على فلسطين الوطن الذي ضاع إلى الأبد، أو على عراق الحقبة الملكية، بكل ما لها وما عليها، وعلى العراق الذي شهد تفتح الموهبة، وتألق الموسيقى والفن والعلم، لولا لوثات الطغيان التي صبغت حقبة الأستاذ ووالده، بكل بشاعات تلك الحقبة المخيفة.
إنعام أحكمت صناعة روايتها، طباخة ماهرة، تجيد تقديم أفضل طبق روائي، وإن كانت النبيذة ليست بتلك الرواية المسكرة، إلا أن العمل يمتلك اشتراطات السرد، مع إغراق شديد في التاريخ، بكل أحداثه وشخوصه وصراعاته المقيتة، فلا تدري أين ينتهي التاريخ مع النبيذة، وأين يبدأ الخيال مع إنعام، أين هي كذبات تاجي، وأين هي مبالغات وديان، وإلى أي درجة يمكنك أن تتعاطف أو تحكم أو تحاكم، إنهم أبطال حياة حقيقيون، خالون من المثالية الزائفة لأبطال الحكايات العربية!
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن جريدة الاتحاد