بقلم - عائشة سلطان
قد تبدو مصادفة، فقد بدأت نهاري بالجلوس لإعداد ورقة أشارك بها في ندوة مقبلة، لكنني انتهيت بالغرق في التفكير بـ«آدم» بطل أمين معلوف في روايته «التائهون» بمجرد أن اصطدمت عيناي بغلاف الرواية في المكتبة.
آدم العائد من باريس إلى لبنان وطنه الأصلي الذي غادره سنوات الحرب الأهلية في السبعينيات، تاركاً خلفه تاريخاً من العلاقات والأصحاب والأحلام، ذاهباً إلى مكان آخر تماماً لينبت من جديد، معتقداً أنه لن يعود للبنان.
توهم (آدم) أنه لن يهتم بأي شيء يخصّ بلده. ولاحقاً اتضح له حين عاد وقابل صديقة قديمة تدعى سميراميس أن ذلك كان وهماً كبيراً!
آدم الذي جاء إلى لبنان مسرعاً إثر مخابرة هاتفية من زوجة صديقه، أيقن أن للذاكرة حساباتها وللصداقة التزاماتها وللموت هيبته.
في المساء تناولت كتاباً أغراني عنوانه، قلت لأتصفحه وأغرق في النوم، أخذت في قراءة بضع صفحات منه تعينني على النوم، ولكنني كنت واهمة، الوهم واحد من ألعاب العقل الكبرى!
فقد وجدت بين الصفحات تلك قصاصة قديمة كُتب فيها:
«لا ينتهي العشق كما نخطط له..
فأن ينتهي حب بالبساطة الساذجة التي نتخيلها يعني أنه لم يكن هناك حب من الأساس، أو أننا كنا نعيش وهماً كبيراً لا أكثر!».
للحظة اكتشفت أن ذاكرتي خانتني كثيراً، أو أن الزمن الذي حجب تلك الوجوه التي ما عدت أتذكرها كان بعيداً أو هكذا خُيّل لي، هناك عمر وسنوات سقطت في المسافة بين زمنين ولحظتين (زمن اليوم، وزمن الأمس)، كنت كـ«آدم» الذي عاد من اليوم (باريس) إلى الأمس (لبنان)!
وما من سبيل لتغيير أي شيء، فبين الأمس واليوم هناك فائض مفقود من الزمن، قلما نشعر به، فإذا شعرنا به، ما عاد بالإمكان إصلاح أي عطب فيه، إنها هي سيرورة الحياة!