بقلم - عائشة سلطان
لطالما كان اختيار الكتابة كعمل يومي خياراً محفوفاً بالمتاعب والمشاق، ليس فقط من جهة أنه يضعك في مواجهة يومية مع نفسك والآخرين، ولا لأنه يتسبب في الكثير من سوء الفهم عند البعض حسب الطريقة التي يقرؤونك بها ويفسرون كلماتك وعباراتك بها، ولا لأن عرض رأيك - أياً كان مستوى بساطته وتواضعه - يجعلك في مرمى النقد والجدل!
فإضافة لكل ذلك، فالكتابة مهمة شاقة في حد ذاتها باعتبارها مسؤولية يتورط فيها الكاتب تحت تأثير إقبال الناس على ما يكتب واحتفائهم به، وإقبال الإعلام عليه، وهكذا تدفع الشهرة البعض منا للمضي بعيداً في الطريق حتى يتأكد بأنه قد غاص بلا رجعة في أرض لا سبيل للخروج منها أو الصمود فيها إلا بصعوبة!
عليك ككاتب أن تنتبه إلى أنك تعمل في مهنة دقيقة لا تقل عن أي صناعة أو فن دقيق، المقال فن؟ نعم إنه أحد أكثر فنون الصحافة خطورة وصعوبة، فالوقت يصوب عليك نظراته الصارمة، فأنت في تحدٍ دائم معه، ومصادر المعرفة تتحداك إذ عليك أن تقرأ دائماً، تطلع على آخر المستجدات، تحتفظ بمسافتك الخاصة من كل ما يحيط بك، تقلب وتفحص وتصنع موقفك وتتأكد من قدرتك على رفعه عالياً!
الكتابة تحتاج استقلالية في الرأي وشجاعة في الاختيار، وسط مجتمعات لا زالت تحاكم الرأي من زوايا ضيقة أحياناً وشخصية في معظم الأحيان!
فهل الكتابة خطيرة فعلاً؟ ببساطة وبلا تنميق للكلام: نعم، تماماً كما قال الروائي نجيب محفوظ الذي كان يرى في الرواية فناً ماكراً يمكن تمرير الكثير من خلاله دون الوقوع في المحاذير، بينما المقال فن مكشوف ومباشر يمكن أن يرمي صاحبه (في داهية أحياناً)، حسب تعبيره!