بقلم : عائشة سلطان
في أحيان كثيرة تفاجأ بأنك لا تفكر في الأشياء نفسها التي يفكر بها الآخرون، فتقول لنفسك: ذلك أمر طبيعي لا يجب أن يثير قلقي ، فالناس مختلفون دائماً وأنا مثلهم لكنني لا أشبههم، علينا ألا نخاف ولا نخجل من اختلافنا حين نكتشفه، ربما علينا أن نحب هذا الاختلاف أو نتصالح معه، فهو نحن في نهاية المطاف، أو أحد الوجوه التي تشكل شخصيتنا في معمارها النهائي!
الأكثر إثارة حين تكتشف بعضاً من الجوانب الخفية في شخصية المقربين منك، أحد أفراد أسرتك أو أصدقائك المقربين، هل يبدو الأمر غريبا ؟ لا تستغرب، فكما أنك عالم من الأسرار لا تعرف الكثير عنها، فإن للآخرين كذلك عوالم محتشدة بالخفايا والأسرار؟ فقط لنكن مهيئين لتقبل ما سنعرف وما سنكتشف، وهنا يعد السفر فرصة اكتشاف قصوى تتيح لنا تلمس تلك الأسرار التي قد تدفعنا للوقوف مذهولين بعض الوقت أو مترددين أو عاجزين عن الفهم أو مزلزلين أمام الحقيقة، وأحيانا تدفعنا للقهقهة أو لبعض الحماقات.
تكتشف مع توالي أسفارك أن عدداً ممن تعرفهم يعانون عقداً مختلفة تعود لأيام الطفولة، لم يتخلصوا منها، وبقيت مستقرة هناك في أعماقهم وتسبب لهم الكثير من إشكالاتهم الحياتية، وتعرف أن معظم الرجال يعتقدون أن التعبير عن الخوف أو إظهاره أمام الآخرين يخدش فكرة الرجولة الحقة، كما أن الاعتراف باختلالاتنا غير وارد لدى معظمنا من الأساس رجالاً ونساءً!
كنت في سفر مع عائلتي منذ سنوات عدة، وقد قررنا أن نقود سيارتنا إلى منطقة جبلية عالية، احتجنا إلى زمن طويل، وسير حذر بالسيارة، لنكمل مغامرتنا، الذين لا يعرفون رهاب المرتفعات نجوا من ذلك الشعور المدمر بالتوتر والشلل، والرغبة الجامحة في الخلاص من الحالة، أتذكر يومها أنني اكتشفت للمرة الأولى في حياتي أن عدداً من أفراد أسرتي مصابون برهاب الأماكن المرتفعة، فتساءلت هل هذا الخوف حقيقي أم أنه شيء من هلوسات الدماغ التي تقود صاحبها لتجعله تحت سيطرة هذا الهاجس: ماذا لو سقطت من أعلى الجبل؟ تماماً كما يقع المصاب برهاب الطيران تحت رعب: ماذا لو سقطت الطائرة في المحيط أو ارتطمت بقمة جبل؟
إن معظم مخاوفنا ليست سوى أوهام متراكمة محبوسة في صندوق عقلنا الباطن، بحسب ما يتخيل هذا العقل، وأحياناً بحسب ما نرثه من تربيتنا. إن لكل منا فكرته الخاصة عن كل شيء، وعلاقتنا بالواقع تنحت في تلك الفكرة، لتبلورها حسب خبراتنا!
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن البيان