بقلم : عائشة سلطان
يطرح القارئ الذي يحب الكتب، كما تطرح معارض الكتب العربية في كل العواصم، الأسئلة ذاتها تقريباً مع افتتاح كل دورة، حيث لا يخلو معرض كتاب من جلسات حوارية حول معوقات النشر أو واقع الكتاب العربي، وجودته وأسعاره ومدى إقبال الشباب عليه، وتأثير ذلك في حركة تداول الكتاب وانتقالاته بسلاسة بين بلدان العالم العربي.في السنوات الأخيرة سيطر موضوع النشر الإلكتروني على الجلسات النقاشية في معارض الكتب ومدى رواج الكتاب الإلكتروني، وقضايا القرصنة ومدى احترام حقوق الملكية الفكرية، ومافيات الكتب المقرصنة أو تلك التي تنشر دون حقوق أو ما يعرف بين الناشرين بـ «الكتب المضروبة»، ومن القضايا الحساسة في عالم النشر ما يعرف بالكتاب المدعوم أو مشروعات دعم الكتاب والناشر معا.
إن هذه القضايا على الرغم من تكرار بحثها لم تقد إلى انفراجات تذكر في الواقع الذي يرزح تحت أعبائه عدد كبير من الناشرين والقراء على حد سواء، وبالتالي على ثقافة القراءة التي يتحدث الجميع عن أهمية الارتقاء بها دون أن يبحثوا في الحلول والعلاجات العملية للعراقيل التي تجعل القراءة اهتماماً متراجعاً في أولويات الإنسان كمبادرة تحدي القراءة التي تنهض بها دولة الامارات برعاية ومتابعة ودعم لا محدود من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم !
حقيقة الأمر أن كافة هذه القضايا المثارة في جلسات النقاش لا تطلق جزافاً أو من باب سد الفجوات، إنها رسائل في غاية الأهمية، وهي تؤثر في استمرارية وصمود الناشر العربي في عمله، كما تؤثر في الارتقاء بثقافة القراءة وفي القارئ من حيث إمكانية حصوله على الكتاب بيسر، وعدم لجوئه إلى الكتاب المقرصن، فالواقع الذي نعرفه جميعاً هو أن القارئ العربي اليوم يجد أمامه سيلاً هائلاً من الكتب الإلكترونية، عبر مواقع إلكترونية توفر له آخر إصدارات الكتب دون أية تكلفة من أي نوع، فأين تقع فائدة الناشر وموزع الكتب والمؤلف والقارئ من ذلك كله؟ أترك الجواب لكم!
هناك قضية مهمة لا بد من طرحها، وهي تتعلق بالدعم المالي لدور النشر، الذي يتراوح بين 50-70% من كلفة نشر الكتاب، السؤال هنا: لماذا يصر الناشر على بيع الكتاب المدعوم بأسعار تتجاوز كلفته بثلاث أو أربع مرات، أين ذهب الدعم إذن؟ طالما لم ينعكس على القدرة الشرائية للقارئ وعلى انتشار الكتاب وثقافة القراءة التي تعمل الدولة على النهوض بها بوسائل مختلفة، منها هذا الدعم؟!
إن النظر إلى تجربة المركز القومي للترجمة في مصر، حيث تحظى كتبه بدعم حكومي يصل إلى 50%، وانعكاسات ذلك على مستوى الأسعار المنخفض، ما يضاعف فرص حصول شرائح كثيرة على هذه الكتب، حيث الأسعار في متناول الجميع، هذه التجربة العربية تستحق التقدير والنظر والإفادة منها، خاصة أن المركز يقدم عناوين قوية وثقافة رصينة تحترم عقل القارئ بجميع اتجاهاته.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن البيان