عائشة سلطان
عندما أطل جهاز الهاتف المحمول بلاكبيري ـ وتعني التسمية (التوت الأسود) ـ تساءل الجميع عن سبب التسمية، لكنهم اعتادوها فيما بعد، وأدمنوا امتلاك ذلك الجهاز الأسود الصغير، كما اعتادوا خدمة تبادل الرسائل التي يوفرها، أتذكر تماماً عندما تم الإعلان عن قرب توقف خدمة تبادل الرسائل المجانية كيف قامت قيامة الناس وثارت مشاعرهم، وكتبت المقالات، وأصبح الموضوع شغل الناس الشاغل، كانوا كمن اكتشفوا الكهرباء ثم فجأة قيل لهم سوف يتم حرمانهم منها، لكن الشركة الكندية المطورة للبلاكبيري لم توقف الخدمة، وظلت أعين الناس وأصابعهم مغروسة على لوحة مفاتيح الجهاز الأسود اللطيف والشبيه بفاكهة التوت الأسود، كان الناس يتبادلون تلك الرسائل كمن يتناولون طبق توت لذيذ لا يريدونه أن يفرغ !
وفي لمح البصر تراجعت مبيعات البلاكبيري لصالح الشركة الجديدة المنطلقة في سماء البرمجيات والهواتف الذكية كصاروخ عابر للقارات، لقد سيطرت شركة ( أبل ) على سوق هذه التجارة المتنامية في زمن قياسي، ومرة أخرى اختيرت الفاكهة كرمز كبير ومحير للشركة ولجيل الهواتف الجديدة، هذه المرة كانت التفاحة هي الشعار، لكنها ليست تفاحة نيوتن المكتملة، لقد اختيرت التفاحة المقضومة من جانبها الأيمن ! فلماذا؟.
نيوتن وشجرة التفاح كانت هي الشعار، تماشياً مع فكرة التفاحة والجاذبية التي أسس لها نيوتن باكتشافه هذا القانون عبر تلك التفاحة، الجاذبية التي ستكون الحبل السري الذي يربط الجماهير بالهواتف الذكية التي تنتجها أبل والتي (يعتاش) عليها الناس طيلة الوقت، فهم يتحدثون، يتواصلون، يقرؤون، يتاجرون، ينظمون مواعيدهم واجتماعاتهم بواسطتها.
فهل هناك أكثر جاذبية وإبداعاً من ذلك ؟ اليوم وضعت الحكومات الناجحة والذكية كافة مؤسساتها كتطبيقات ذكية على الهواتف الذكية لمواطنيها، لتكون متاحة لهم طوال اليوم، ليتمكنوا من تتبع وإنهاء معاملاتهم بسهولة مطلقة، حتى وهم يندسون في أسرتهم باسترخاء كامل، دبي واحدة من هذه الحكومات التي سابقت الزمن، لتكون حكومتها حكومة ذكية مرنة ومتاحة لمواطنيها طوال الوقت، لأن هذه هي مهمة الحكومة كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد: خدمة الناس وإسعادهم طوال الوقت.