بقلم : عائشة سلطان
كلنا يتمنى أن تنتهي هذه الأزمة بسلام، فليس لدينا أي مشكلة مع الشعب القطري، فهم أهل وإخوة وجيران، وليست لدينا إشكالية مع قطر البلد العربي الذي قطع مشواراً جيداً في طريق التطور والتنمية، مشكلتنا مع نظام الدوحة مع توجهاته وسياساته المتهورة والداعمة للإرهاب، مشكلتنا مع نيات السوء ومخططات التخريب التي لم تعد سراً بعد أن انكشف الغطاء وظهر المخبوء، ومع ذلك فقد اتبعنا طريق الحكمة حرصاً وإيماناً واختياراً لنا ولقطر وللمنطقة كلها، وعلى قطر أن تقدر ذلك، وأن تكون أكثر حكمة وذكاء!
لا نريد كدول خليجية متضررة من سياسات الدوحة أن نصل إلى طريق مسدود معها، ولا إلى خيارات لا تحمد عواقبها، لأن تلك الخيارات ستضرنا جميعاً، لذلك فرجال الحكمة يتجنبونها بكل تاريخ الحكمة والتعقل الذي يحكم تاريخ العلاقات بين دول المنطقة، والذي كرسناه نهجاً وحياةً منذ سنين طويلة.
لذلك فإن الحل الحاسم في الأزمة مع قطر ليس سهلاً وليس بسيطاً أو عابراً، إنه قرار سيؤثر ويتأثر به الجميع، المشكلة أننا أمام نتيجة صعبة: لا خيار، فالدوحة قلصت الفرص وضيقت الخيارات بعنادها وإصرارها على الذهاب يميناً ويساراً، مع أن طريق الحق والأخوة واضح ومباشر جداً!
الجميع يتحدثون عن خيارات ما بعد الرد القطري الأرعن واللا مسؤول، والحقيقة أن قطر كان أمامها فرص لا تحصى، كانت الكرة في ملعبها، وكان بإمكانها بقليل من الحنكة السياسية أن تسجل نقطة على الأقل في مصلحة النيات الحسنة والاستعداد لبدء صفحة جديدة، لكن مع الأسف اختارت الدوحة ألا تغادر موقف الحماقة، والحماقة أعيت من يداويها.
لكننا كدول على حق وعلى وضوح نعرف تماماً ما يجب علينا فعله، فقد غادرنا نحن أيضاً منطقة المجاملة والاحتمال، لم يعد في قوس الصبر منزع، وبات إطلاق سهم الحزم واجباً وحتمياً تجاه قطر وكل حلفاء الشر الذين يؤيدونها ويدفعونها لخياراتها المارقة!
إن وجودنا على المحك، مستقبلنا، مصيرنا، دولنا، استقرارنا، حياة أجيالنا وحياة منطقة وإقليم بكامله تريد قطر ومربع الشر الذي تتحرك في ركابه أن يلحق بباقي أقاليم الخراب التي تناهبتها الفوضى، وبما أن هذه هي كلمة الدوحة وهذا قرارها، فقرارنا نحن إذاً: أن لا مكان للفوضى بيننا، لا مجال للتلاعب ولا للألاعيب ولا للفبركات والصفقات المشبوهة، لا مجال لتقديم شيء على الغاية القصوى: حماية أمننا ووجودنا وأوطاننا.
لقد اختارت قطر ما تعتقد أنه في مصلحتها، وستتحمل نتائج خياراتها، ذلك أن إيران ليست خياراً، ولن تكون عمقاً ولا سنداً ولا شقيقاً، وكذلك تركيا و"حماس" و"الإخوان"، قطر كانت تعرف وما زالت تعرف شقيقها وعمقها وسندها، لكن العمى السياسي سيد الموقف على ما يبدو!