وأن تشم زهر الليمون

وأن تشم زهر الليمون!

وأن تشم زهر الليمون!

 صوت الإمارات -

وأن تشم زهر الليمون

بقلم : عائشة سلطان

يحلو لي أن أتلمس الأسطح الحجرية، أخطو على الحصى بقدمين عاريتين، أمرر يدي على الجدران الحجرية الخشنة، فملمس الحجر يعيدني إلى الأرض، إلى دفئها ورائحتها، وإلى أولئك الثابتين مثلها، أولئك الذين لم تجرفهم سيول الحداثة وخضات التغيير المتلاحقة التي لم تبقِ ولم تذر، في زمن لم يعد فيه أحد ثابتاً، فطوبى للذين أتقنوا الوقوف حين سقط العالم في الفراغ!

حين كنا صغاراً كان الطلاء الملون لجدران المنازل ثقافة غير معروفة، وفي حينا كانت كل البيوت بيضاء أو كالحة، لا وجود للأخضر والأزرق والأحمر ولون قشر البرتقال، هذه الألوان التي أصابتني بالدهشة أو بصدمة اللون حين لمحتها لأول مرة تضيء من بعيد عبر بيوت صغيرة بحدائق مزهرة تصطف على ضفة النهر في مدينة بعيدة!

في الحي الذي سكناه في طفولتي كانت الجدران صحف الحائط الأولى بالنسبة للصغار، كنا نجمع قطع الفحم ونبدأ في الشخبطة عليها، وحين ذهبنا للمدرسة صرنا نكتب ما يخطر ببالنا، دون أن نتورع عن كتابة الكثير من الشتائم! فكان من يجد اسمه على الجدار يبحث عن قطعة حجر يقذف بها من شتمه ليمحو الإهانة، كان الحجر نفسه الذي يحمل دليل إهانتك هو من يمحوها عنك، ما عليك سوى أن تقرر!

حين كبرنا قليلاً كانت أمي تصطحبنا للصحراء في إجازات الربيع، فكنت أتلذذ وأنا أدسُّ قدمَيّ في الرمال التي تشبه السكر الأحمر، وأظل واقفة يختلط إحساس الدفء بإحساس البرودة حتى أشعر بأن الرمال ستبتلعني فأسارع لانتزاع قدمَيّ.

أما في صباحات الشتاء فأسعى باكراً للسعة البرد المفتقدة، أسير على الأرضية الحجرية لحديقة أمي حافية القدمين، أقفز كطفل حينما أشعر بلسعة البرد، وأنتبه إلى أن تفاصيل جميلة في الحديقة أفتقدها، وأنا أمر بالقلق والضجيج والثرثرة والتوافه والغفلة والعابر واليومي طوال الوقت.

أتذكر الآن نظرة أمي لي في المساء وأنا أبحلق في شاشة التلفزيون كشخص غائب عن الوعي، كانت تريد أن تسألني عن رأيي في الكثير من التفاصيل، كذلك المقعد الأخضر البهي الذي أراحته بعذوبة تحت شجرة الليمون مثلاً!

يا لغفلتي لقد نسيت أن أشم زهر الليمون منذ زمن، وأن أنادي القطة الصغيرة باسمها، حتى تلك الأرجوحة تحت شجرة المانجا العجوز لم أتمرجح عليها منذ زمن، وأتساءل كعادتنا جميعاً: أين يذهب الوقت؟ هل هو الذي يمضي سريعاً، أم أننا نحن الذين لا ننتبه ونتوقف قليلاً عند الكرسي الأخضر لنشم زهر الليمون على الأقل؟!
 المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن البيان

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وأن تشم زهر الليمون وأن تشم زهر الليمون



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة - صوت الإمارات
ظهرت الفنانة إلهام شاهين في افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي، وهي مرتدية فستانا أزرق طويلا مُزينا بالنقوش الفرعونية ذات اللون الذهبي.وكشفت إلهام تفاصيل إطلالتها، من خلال منشور عبر حسابها بموقع التواصل "فيسبوك"، إذ قالت: "العالم كله ينبهر بالحضارة الفرعونية المليئة بالفنون.. وها هي مصممة الأزياء الأسترالية كاميلا". وتابعت: "تستوحى كل أزيائها هذا العام من الرسومات الفرعونية.. وأقول لها برافو.. ولأن كثيرين سألوني عن فستاني في حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.. أقول لهم شاهدوه في عرض أزياء camilla". يذكر أن فستان الفنانة المصرية هو نفس فستان الكاهنة "كاروماما" كاهنة المعبود (آمون)، كانت الكاهنة كاروماما بمثابة زوجة عذراء ودنيوية للمعبود آمون. وهي ابنة الملك (أوسركون الثاني) الذي حكم مصر خلال الأسرة الـ 22...المزيد

GMT 21:47 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالله بن زايد يستقبل وزير الشؤون الخارجية في الهند
 صوت الإمارات - عبدالله بن زايد يستقبل وزير الشؤون الخارجية في الهند

GMT 21:21 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد
 صوت الإمارات - نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد

GMT 05:11 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
 صوت الإمارات - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 21:21 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 05:46 2015 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

كاندي كراش تربح شركة "كينج" 1.33 مليار دولار

GMT 17:52 2014 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

منع بيع لعبة فيديو عنيفة ومثيرة للجدل في أستراليا

GMT 19:29 2016 الأربعاء ,09 آذار/ مارس

منتجع أليلا مكان مميز في بلدة Payangan

GMT 03:28 2015 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

أنواع الكورتيزون المستخدم لعلاج تساقط الشعر والثعلبة

GMT 23:50 2013 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أحدث أجهزة ألعاب الفيديو قريبًا في الأسواق

GMT 16:43 2016 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

حالة الطقس المتوقعة الثلاثاء في مدينة الرياض

GMT 23:13 2016 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

"زهر" رواية للراحل جمال أبو جهجاه

GMT 20:43 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 05:27 2019 الأربعاء ,08 أيار / مايو

فافرينكا يتقدم في بطولة مدريد للأساتذة

GMT 04:20 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل وشروط التقدّم لوظائف وزارة الزراعة المصرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates