بقلم : عائشة سلطان
معرض الكتاب في كل مدن العالم ليس سوى منصة ضخمة مفتوحة ومنفتحة على عالم الكتب والقراءة والمعرفة، وهو كذلك فعلاً بالنسبة للقارئ والكاتب والناشر وبائع الكتب، إنه الفرصة الذهبية لنا جميعاً لنطل على آلاف العناوين، ونلتقي في الممرات بعشرات الكتاب والمبدعين وأسماء بلا حصر من المثقفين والشعراء والقراء العظام الذين ربما لا يعرفهم أحد، لكنهم قراء حقيقيون يلتمسون قلب المعرفة، ويسعون لمتعة القراءة ما استطاعوا للكتاب سبيلاً!
في معرض الشارقة للكتاب، يجد الإنسان نفسه في هذه الحالة تماماً، حيث يستعيد بكثير من الشغف والبهجة تلك الأيام البعيدة التي مشى فيها صوب المكتبات خارج المدرسة وخارج الجامعة، وبكثير من الدهشة وتوجس الانتظار لما يوجد في هذه الكتب المتراكمة والمعلقة أمام عينيه، دهشة لا يعرف من أين خرجت وكيف انبثقت من داخله، دهشته هو كقارئ آخر يضاف إلى جموع القراء الكثيرين حول العالم.
والذي لن يعود بعد قراءة الكتاب الأول لما كان عليه الحال قبل القراءة وقبل دخوله أول مكتبة في حياته! ولأننا نقرأ مذ كنا أطفالاً، فإننا نتحدث عن القراءة والكتب والأدب بكثير من الدفء الرومانسي، وكما يتحدث ألبيرتو مانغويل صاحب الكتب الشهيرة عن القراءة والمكتبات والقراء العظام، والذي امتهن لسنوات القراءة لشاعر عظيم كبورخيس، فحوّلته تلك التجربة الغنية إلى واحد من كبار المروجين لثقافة القراءة والكتب حول العالم!
إن معارض الكتب العظيمة الكبيرة والشهيرة وحتى الصغيرة، ذات التاريخ والتي بلا تاريخ، كلها منصات لتوفير الكتب التي هي في نهاية المطاف السلعة الأجمل في عالم تتنازعه الماديات والسلع الاستهلاكية شديدة العطب وبلا قيمة، إضافة لذلك، فإن هناك سجلاً سوف يحفظه دائماً الناشرون الإماراتيون، لإدارات ومسؤولي المعارض والقائمين على أمر الثقافة، والذين يأتي صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، حاكم الشارقة، على رأسهم كراعٍ أول وأساسي يقود قافلة الثقافة بوعي وحرص شديدين!
حين تمشي متمهلاً بين أروقة المعرض، فتقع عيناك على كل النتاج الضخم الذي تتلمذت عليه وقرأته في بداياتك، تشعر بحنين لتلك الأيام السهلة اليسيرة والوقت الذي كان يتاح لك فيه أن تلتهم كتباً لا حصر لها في أيام معدودة تجتاحك متعة الاكتشاف ودهشة اللغة والمعرفة والاطلاع على الأسرار.اليوم، تبدو الكتب متاحة بشكل لا مثيل له، لكن الوقت هو المعجزة المتفلتة التي لا يمكنك القبض عليها لتقرأ كما ترغب وكما كنت!