بقلم : عائشة سلطان
يقولون إن الحياة تشبه المكعب ذا الستة أوجه، كل شيء فيها قابل للنقاش والاختلاف، واستدعاء العديد من الفرضيات، فلا شيء ولا كائن يمتلك وجهاً واحداً، وأولهم نحن، نحن البشر، الذين يحلو لنا أن نصور أنفسنا، أو نظن أننا مخلوقات طيبة، لطيفة، مسالمة.. بينما في الخارج، خلف أسوار بيوتنا، أو عند تقاطعات الطرق، أو تقاطعات الجغرافيا، تمور الدنيا بحروب وكوارث بيئية، وسياسات خاطئة، حوّلت العالم إلى بؤر ملتهبة، وقسمت البشرية إلى معدمين ومفرطين في النعم.. أليس الإنسان الطيب الأليف، المسالم، هو نفسه صانع هذه الاختلالات؟.
تساءلت الكاتبة (أولغا توكارتشوك)، الفائزة بجائزة نوبل للأدب، العام الماضي، وهي تراقب ما يحدث في العالم من نافذة بيتها، خلال أيام الحجر المفروض: «أليس ممكناً أن نكون قد عدنا إلى الإيقاع الطبيعي للحياة؟ أمن الممكن ألّا يمثل الفيروس اختلالاً في القاعدة، بل على العكس، وكأن العالم المضطرب قبل حلول الفيروس، كان غير طبيعي؟».
إنها تنظر إلى وجه آخر من مكعب الكارثة، مفترضة أن فيروس «كورونا»، الذي يصب عليه الناس في كل العالم جام غضبهم ولعناتهم في كل لحظة، قد جاء ليعيد إيقاع الحياة إلى طبيعته!
وأول ما تم ضبط إيقاعه، هو حركة الإنسان: خياراته، احتياجاته الفعلية، علاقته بالمحيطين به، بالطبيعة، وبنفسه، والأهم دورة حياة الطبيعة، فكأنه منحنا خمس دقائق، أو خمسة أسابيع أو أشهر، لنتوقف في منتصف اللهاث، لنلتقط أنفاسنا، بعد أن قاربنا على الموت اختناقاً، أعطانا الفيروس كأس ماء، وأمرنا أن نجلس في بيوتنا، لا أكثر، فليس مطلوب منا في هذا الزمن، الذي سيمر ونحن خارجه تماماً، أي شيء سوى الانتظار لأجلنا، وكثير من الحذر لأجل الطبيعة!