بقلم : عائشة سلطان
في كل حياة الإنسان منذ أن يعي مفهوم الاختيار والاختبار والقرار، يكون الدرب واضحاً، والطريق الصحيح معلوماً بالضرورة، ولا لبس ولا تردد إلا عند أصحاب المكابرة والضلال، ومن حرم نعمة البصيرة، أما أصحاب البصائر والنوايا الواضحة الخيرة، فإن طريقهم معروف ودروبهم واضحة، يسلكونها على بينة، متجنبين ما يضرهم وما يؤذي غيرهم، وليس هناك أشد ولا أقبح أذى من إيذاء أولي القربى والجار والصاحب، ومع ذلك، فالحياة مليئة بالجهلة والجهل وبأصحاب المشاريع الضالة، الذين إن رمتهم الأقدار في دروبنا تجنبناهم قدر طاقتنا، أو أسدينا لهم النصح إن استطعنا، وإلا فالطرقات تفترق كما تفترق القلوب.
فلا ينفع النصح في صاحب السوء، ولا ينفع الترقيع في الثوب القديم.. هكذا ردد أسلافنا منذ القدم!
في قصيدته «الدرب واضح»، خاطب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد كل هؤلاء، بالحكمة والكلمة الهادئة ، بعقل السياسي المجرب، وقلب الأخ الحريص على وطنه وأهله وجيرانه، رسم حدود المصالح وقوالب المعادلات السياسية: معادلة حقوق الجيرة التي حكمت منطقة الجزيرة العربية، منذ أن كانت قبائل عربية، إلى أن أصبحت وحدات سياسية ذات مركز وثقل سياسي، هذه الحقوق التي توجب النصح وتبيان المخاطر وتحديد الواجب والمفروض والصح والخطأ والعدو والصديق، معادلة حقوق الجيرة والأخوة لا تنطلق من نظرية المصالح السياسية فقط، ولكن أولاً وقبل كل شيء، من منطلق الأخوة والجيرة وصلة الرحم والنسب، والدم والتاريخ والدين.
يمد الشيخ محمد لقطر كل حبال المودة والأخوة، يخاطبهم بصادق القلب واللسان، بشعر وكلمات لا تحتمل التأويل والمزايدة وسوء الفهم، الدرب واضح يا قطر، فإن اخترت الأهل والسند والظل، فنحن لها:
»وتدري قطر انا لها ظل داني عن الغريب وعن ضعيف المكانة«
فبلداننا وشعوبنا والعالم والإنسانية كلها ما عادت تحتمل مزيداً من الحروب والدمار والإرهاب والترهيب، فعلام تزايد قطر، وهي تصر على هذا الخيار؟
الدرب واضح يا قطر: ننصح، ونتوحد، وننبذ الفرقة.
»ونرجع إلى وحدة قلوب ومعاني نحمي بعضنا دون حقد وضغانة«
ولا حل بعد ذلك ولا علاج، سوى مزيد من المحاولات والضغط، علّ هذا العناد يسقط، وهذا الصلف ينحاز للحق، قبل أن تتفرق بنا السبل، لا قدر الله!