بقلم : عائشة سلطان
منذ يومين غادرت إلى أبوظبي فوجدت الطريق من دبي إلى هناك يزدهي بالأعلام وبالألوان وباسم الإمارات، فنحن على مرمى يومين من يومنا الوطني، وإذ أخذني الطريق بعيداً وجدتني أتأمل في تفاصيل كل ما يحيط بي، من أول أبجدية الوطن لآخر حبة تراب باسمه، فأيقنت أنني أنتمي لأرض تستحق الفرح، وأن نفخر بها، وأن نسعد وأن نشعر بما يجعل الحياة هانئة حقاً وتستحق الشكر والثناء، على هذه الأرض ما يستحق الحياة فعلاً، فكما رأى درويش في فلسطين (سيدة الأرض) فلنا حق بأن نرى أوطاننا كذلك؛ لأن فيها ما يستحق الحياة.
وأنت تسير ليلاً في شوارع المدن تنساب إليك شلالات من الألوان والأضواء، ويتتابع اسم الإمارات وتاريخ الثاني من ديسمبر وسنة 1971، ليتكرس الاسم عميقاً ويغوص التاريخ عميقاً، ويرتسم كوشم لا ينسى، هذه المناسبات العميقة لم تخترع ليرقص الناس عبثاً ويمضوا الوقت يثرثرون في المقاهي، أو يأخذوا إجازات قصيرة ينامون فيها.
هذه المناسبات الاستعادية، ليست سوى وقفات وطنية مفصلية، علينا جميعاً أن نتوقف عندها، ونوقف صغارنا لنقول لهم، عند هذه الفاصلة توقفت الأحداث التي كانت عادية وعابرة، ومتواترة وتكر كمسبحة، وعند هذا التاريخ تمهل الزمان وأهله، ليصنعوا حدثاً مختلفاً، ليضعوا في مسبحة الأيام حبة لؤلؤ مختلفة، جوهرة سيبلغ منتهى ألقها يوم يبلغ أبناؤها منتهى فخرهم وانتمائهم وسعادتهم بها، ويوم يضحون لأجلها بكل شيء، تلك هي الإمارات، سيدة الأرض، سيدتي، وعلى أرضها ما يستحق الحياة الأجمل.
التفاصيل كثيرة، لا تحصى، وتختلف بين المدن، نظرتنا لها تختلف، تقييمنا يختلف، لكن دلالة الخبز ورائحته، الأمهات الواقفات على خيط الناي، العشب على الحجر، البحر والفجر، أو الشتاء، رجفة البرد، حكايات التعب، قصص الشعراء والعشاق، مسيرة الماء ومعاناة الأرض مع الجفاف، اللون الأخضر، صبر الرجال، احتمال النساء، وفكرة زايد المؤسس والقائد.. هذه هي الإمارات، سيدة البلدان، سيدتي، وعلى أرضها الكثير مما يستحق الحياة.