بقلم : عائشة سلطان
أتذكر أنني سألت الفتاة الفلبينية التي تعمل عندي عن حالة قدمها، كانت قد نهضت من النوم لتجدها متورمة لسبب ما لم تذكره لنا، أرسلتها والدتي إلى المستشفى، تم فحصها وأُعطيت دواء لعدة أيام، واظبت عليه دون أن تظهر على قدمها بوادر تحسن، ذات مساء جاءت جارتنا، وهي صديقة لأمي، لتنام معنا، فقد أوصتها والدتي بذلك عندما سافرت، قالت إن الناس تأنس ببعضها، أن يكون أحد معك أفضل من أن تبقى لوحدك!
جارتنا وجدت الفتاة تعرج وقدمها متورمة، فأعدت لها في الحال خلطة شعبية عبارة عن ملح وكركم مع زيت الزيتون النقي، حين مررت بهما كانت جارتنا تلصق تلك العجينة (التي لطالما ألصقتها لنا جدتي، رحمها الله، عندما كنا صغاراً) على قدم الفتاة، ولم تنس بطبيعة الحال أن تقرأ عليها شيئاً من القرآن وبمنتهى الرفق، بعد ذلك لفت لها قدمها وطلبت منها أن تنام، في الصباح لم يبد عليها أي تحسن فأرسلتها لمستشفى آخر، يقول السائق إنه تم أخذ عينات منها للفحص وأشعة وكانت النتائج إيجابية، وصفت لها الطبيبة أدوية جديدة وعادت وقت الظهيرة، كانت تبتسم لي امتناناً، قلت لها إن هذا حقها علينا.
فيما بعد وعندما سألتها عن حالة قدمها، قالت إن الألم خف بدرجة كبيرة، قلت لها الدواء جيد إذن، قالت نعم، وأنا أيضاً قدمت صدقة! فنظرت إليها باستغراب، ماذا فعلتِ؟ سألتها!
شرحت لي أنها تؤمن بأن هناك أرواحاً تعيش معنا في كل مكان، لكننا لا نراها وهي لا تضرنا إلا حين نؤذيها، وأنها هي ربما أثناء التنظيف وترتيب المكان أصابت أحداً منها دون قصد.
ماذا فعلتِ؟ أعدت عليها السؤال بنفاد صبر، أريد أن أعرف كيف دفعت صدقة! قالت وضعت كوب ماء وكوب زيت، صليت ودعوت الله ووضعت الماء والزيت تحت شجرة الليمون في طرف الحوش، وتركته طوال النهار، ثم أخذته ودهنت به قدمي!
قالت بحياء: سيدتي نحن نؤمن بذلك في قريتنا، لكن هنا لا أدري إن كان ذلك شائعاً، أنا اعتذر، لكن فتيات المستشفى هذا الصباح طلبن منى أن أقدم صدقة!
قلت لها الإيمان في القلب وفي الذهن، نحن نستجلب الخير والطاقة الإيجابية لأنفسنا بنوايانا أحياناً وبما نرسله في هذا الكون الواسع من طاقات إيجابية، هذا هو سر الكون، أنت تتلقى بمقدار ما ترسل!
قبل أن تغادرني التفتت وقالت بصوت خفيض: لكن الدواء جيد بلا شك!