بقلم : عائشة سلطان
إنها رواية الكاتب الياباني الأشهر هاروكي موراكامي الذي أصبح الشباب يقفون طوابير طوال الليل أمام حوانيت بيع الكتب للحصول على آخر رواياته، في دولة تتحرك بالتكنولوجيا طيلة الوقت، وهي رواية ضخمة جداً، وليس من البساطة قراءتها واستيعابها بالنسبة إلى كل القراء، فهناك شريحة كبيرة من مبتدئي القراءة سينظرون إليها باعتبارها رواية ثقيلة الظل، صعبة المزاج، معقدة وغير مفهومة، خاصة إذا اعتاد هؤلاء القراء قراءة الروايات البوليسية المبسطة، أو روايات الحب السطحية!
عندما حُمل هذا الرأي لموراكامي، قال، في مقابلة له نُشرت على موقعه الإلكتروني: «إن السر الكامن وراء فهم أحجيات الرواية ينجلي بعد قراءتها أكثر من مرة»، فهو يعترف إذًا بأن الرواية صعبة وتحتاج إلى أن تُقرأ أكثر من مرة، والحق أن القراءة الثانية لأي نص أو عمل روائي كبير تقود القارئ إلى مناطق لم تخطر له على البال في قراءته الأولى!
«كافكا على الشاطئ» تحتوي على ألغاز كثيرة، لكنها لا تقدم لقارئها أية أجوبة. إن تتبع هذه الألغاز وفهمها كلها وتفاعلها مع بعضها قد يسهّل عليك معرفة أجوبتها التي سوف تختلف من قارئ إلى آخر.
بطريقة أخرى، إن اللغز أحجية، وهو جزء من الحل أيض اً، قد يصعب عليّ شرح ذلك، ولكن هذه هي الطريقة التي أكتب بها، كما يقول الكاتب، وأخيراً فالرواية تتأرجح في أحداثها الكثيرة والممتدة بين المراهق كافكا الذي يهرب من عالمه الخاص والمثير لفتى في الخامسة عشرة من عمره، وبين العجوز ناكاتا وعالمه الخاص والعجيب أيضاً!
وما علينا سوى السير مع كافكا في رحلته وتتبع الأحداث بكثير من الصبر! الرواية تحفل بالغرائب غير المفهومة والمفاجأة، الرجل الذي يحدّث القطط، الحجر السحري الذي ربما يدمر العالم وقد ينقذه، الأسماك التي تنزل من السماء، وغيرها، وبرغم هذه الغرائبية الفلسفية، فإن كثيرين وجدوها رواية تروي الحياة كما هي، رواية بسيطة يبحث الناس فيها عن متعة الحياة وسحرها، الحياة التي تدفع الكثيرين إلى الهرب بحثاً عنها.
كل ذلك من خلال حكاية عجوز يبحث عن شيء ضائع يعطي لحياته معنى، ومراهق في الخامسة عشرة يهرب من لعنة أسرته السوداء، وبين العجوز والمراهق عوالم ومدن وشخصيات ورحلات عجيبة جداً، تقودنا إلى سؤال الحب والحياة ومعنى الوجود والموت والعدم، لكي تولّد فينا، بعد أن نفهم ألغازها، الرغبة نفسها التي دفعت الفتى كافكا إلى الهروب ذات يوم من بيت أبيه، بحثاً عن حياة مختلفة يجد فيها ذاته، ويحدد فيها مصيره بنفسه. نقلا عن البيان