بقلم : عائشة سلطان
تنسج الحياة حولنا في كل لحظة خيوط حكايات يعجّ بها هذا الواقع المتمدد والمترامي الأطراف، والمتصل بأزرار هواتف صغيرة، حكايات تدور رحاها وتنهمر علينا من ثقوب كثيرة، حكايات ليست تلك التي نقرؤها في الكتب، وليست تلك التي تولّدت من خيالات الكتاب، إنها حكايات من لحم الواقع، متدفقة كنهر، وأبطالها ملهمون دائماً، تشبه أقمشة حقيقية دافئة يتدثر بها أصحابها والعالم في كل مرة يقرؤها ويتابعها ويطالع أخبارها.
في كل مكان هناك حكاية ملهمة تستدعي التوقف والغوص عميقاً في قوة أصحابها وفي إيمانهم، فهم بلا ملل أو يأس يحيكون تفاصيلها خيطاً خيطاً، في الشوارع، على الأرصفة البعيدة المغبرة، في القرى والأرياف وبين أكواخ الفلاحين، في حافلات الركاب المكتظة، وفي مدن ناطحات السحاب، حيث تدور رحى حكايات لا نعلم ولا نشعر بها، ربما لأننا لا نتقاطع مع أحداثها وشخوصها، ربما لأنها تحصل بعيداً عن جغرافيتنا، ربما لأننا لا نقرأ عنها، وربما لأننا لا نهتم بها، وهنا تكمن الإشكالية: حين لا نعبأ بما يدور حولنا!
انتشرت في شوارع مدينة لندن قصة عازف الجيتار المدمن، الذي يكسب لقمته عن طريق التسكع والعزف، فإذا به يصحو يوماً ليجد قطاً مريضاً يموء ألماً بجواره، هذا القط المتشرد المريض صار محور حياة واهتمام الشاب الذي نسي كل شيء واهتم بعلاج القط حتى شفي، وحين أراد التخلص منه ليعود إلى حياة التشرد ثانية أبى القط أن يتركه، وصار الاثنان علامة فارقة في الشارع، فإذا بصحافية تلتقط الخيط وتنسج القماشة جيداً، وإذا الناتج أحد أكثر الكتب مبيعاً في نيويورك «حكاية القط بوب».
حكاية الفتاة العراقية الأيزيدية نادية مراد، التي تحدثت للعالم كله دون خوف عن تفاصيل اختطافها واغتصابها مراراً، وتبادل بيعها على يد جماعة داعش في العراق، لتثير ضمير هذا العالم، ولتحيي آماله في الخلاص من الإرهاب والعنف، ولتجني جائزة نوبل للسلام، هذه حكاية ألا يمكن أن تكون ملهمة إلى أقصى درجة؟!
ودبي المدينة الصغيرة، التي لا تمتلك حقولاً من النفط ولا مناجم من الذهب، ولكنها تمتلك الحلم والقيادة والإرادة، وبهذا نافست عواصم العالم منذ عدة سنوات، وفازت باستضافة معرض إكسبو العالمي 2020، كما نافست الدنيا لتصبح المدينة الأسرع نمواً وتطوراً.
هناك حكايات ملهمة حيث وجد الإنسان، وهناك إبداع دوماً حيثما كان هناك من يفكر خارج الصندوق!
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن البيان