بقلم : عائشة سلطان
بالرغم من أننا تجاوزنا في دولة الإمارات كل الأشكال التقليدية لبيئات العمل الحكومية من حيث الانضباط، الأهداف، الرؤية، علاقة الموظف بعمله أو بوظيفته، علاقته بالمراجعين، زمن إنجاز المعاملات... الخ، إلا أن الموظف المبالغ في تقليديته لا يزال موجوداً ليذكرك بما كان عليه وضع المؤسسات زمن الملفات والأوراق، فتشعر بأنه ينتمي لزمن ما قبل الميلاد أو لعصر استخدام البخار كطاقه محركة؛ هؤلاء الموظفون يبقون في المؤسسات كرموز عجيبة في سلوكياتهم تجعلنا نحمد الله أننا تجاوز عصر البخار، ودخلنا عصراً يتم فيه إنجاز معظم العمل تقنياً، بواسطة أنظمة متطورة وشاشات كرستالية موزعة في كل مكان وبدون فائض غير منطقي للموظفين، خاصة ونحن دولة غير مضطرة لذلك الهدر من المرتبات من أجل تأمين وظائف هامشية لعمالة غير مواطنة!
مع ذلك فهناك من يحاول أن يجد له موطئ قدم، يخبئ المعلومات عن بقية الموظفين، يحاول ألا ينقل أي خبرات لزملائه، يحتفظ بأسرار الوظيفة حتى الرمق الأخير، يغلق أي منفذ للوصول إلى الحلول إلا بواسطته، بمعنى أنه يعمل جاهداً للإبقاء على واقع الموظف المركزي صاحب القرار الأخير لتسيير أي معاملة، الموظف الذي يمسك الأختام والأرقام والاتصالات، إن هذه السرية والمركزية تشعره بأهميته وبضرورة وجوده، فلو أعطى كل ما لديه لن تكون له قيمة وربما تم الاستغناء عنه ببساطة، هذا النوع من الموظفين لا يريد أن يعترف بهذا التغيير الهائل الذي أصاب واقع وداخل المؤسسة وليس مجرد هيكلها وشكلها الخارجي فقط، فحتى تراتبية المراكز لم يعد لها ذلك الوهج والهالة السابقة.
في مؤسسات اليوم الكل موظف وجد ليخدم الناس وييسر لهم شؤونهم ومعاملاتهم، حتى إن اقتضى الأمر أن يعمل خارج ساعات دوامه، فحكومتنا كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم تجاوزت كل الأشكال التقليدية وهي تعمل طوال الأسبوع لتحقيق سعادة الناس وتيسير أمورهم، هذا هو المفهوم العصري المتقدم جداً لطبيعة وحقيقة الحكومة اليوم في الإمارات بجميع مسؤوليها وموظفيها، وهو ما أكده سموه في إحدى المناسبات الرسمية حين قال" (نجحنا في تكريس مفهوم عصري لحكومة مبدعة، واليوم ننطلق نحو حكومة توفر خدماتها عبر الهاتف المحمول، لأننا نمتلك أفضل بنية تحتية في قطاع الاتصالات بالعالم).
إن حكومة المستقبل، التي نعيشها اليوم هي حكومة لا تنام، تعمل 24 ساعة في اليوم أي 365 يوماً في السنة، مضيافة كالفنادق، سريعة في معاملاتها، قوية في إجراءاتها، حكومة المستقبل حكومة مبدعة، تستجيب بسرعة للمتغيرات، وتبتكر حلولاً لكافة التحديات، تسهل حياة الناس وتحقق لهم السعادة. والذين لا يفهمون ذلك أو لا يعترفون بهذا التغيير المهول في مفهوم المؤسسة سيتجاوزهم الزمن، وسريعاً جداً.