بقلم : عائشة سلطان
هذا موضوع طويل ومتشعب وخلافي وأخلاقي بالدرجة الأولى، والناس الذين يؤيدون أو يعترضون على مواقع التواصل واهتمام الناس المبالغ بها في معظم الأحوال، يعتقدون أن لها دوراً اجتماعياً مهماً جداً وخطيراً كذلك، بينما يرى كثيرون أنها أربكت حياة الأفراد وعلاقاتهم الإنسانية وبشكل سلبي، عندما أصبحت الاهتمام الأول للناس، ولولا هذه الخطورة والأهمية لما قامت عليها أسواق وتجارة عالمية ضخمة وبمليارات الدولارات، ونظريات ودراسات ووو الخ.
لذلك كله، فإنه من النادر أن نجد هناك من لا يمتلك صفحة أو موقعاً أو قناة على أحد تطبيقات التواصل، سواء كان يعلم بأهميته أو لا، وسواء استغله بشكل صحيح أو تعامل معه بغباء، وسواء وضع عليه آراءه أو سرق آراء الآخرين أو أعاد تغريدها، فالمهم بالنسبة لكثيرين أن يقول بل ويتباهى بأنه موجود على تويتر وسناب شات وفيسبوك وأنستغرام، وبأنه يتابع كبار الرؤساء ونجوم الفن والطرب والرياضة، وأنه يعرف آخر تصريحات أحلام وآخر مكان حضر فيه ميسي لاعب برشلونة، ما عدا ذلك فالأمر لا يتعدى التلصص على فلان وفلانة، أين تناولت عشاءها وأين قضى إجازته، وحين كان في نيس ما هي ماركة نظارته وأي حذاء كان يرتدي ووو!
نحن في غنى عن تكرار القول إن استخدام مواقع التواصل في عالمنا العربي لم يحظ فعلياً بالتوظيف الصحيح، خاصة في مجالات التعليم والبيئة وقضايا الأطفال والمجتمع وقضايا التنمية البشرية العديدة، مع ذلك يحق لنا أن نتباهى بأننا من أكثر أمم الأرض في امتلاك نجوم (زائفين) على مواقع التواصل يشغلون الناس طوال النهار بثرثراتهم التي لا تغني ولا تسمن من جوع، شباب معظم مؤهلاتهم أنهم يعرفون كيف ينتقون ثيابهم ويستلقون بنعومة أمام كاميرات التصوير لالتقاط صور مثيرة، ومثل الشباب هناك فتيات صنعن ظاهرة فتيات "الفاشينستا"، ودون أن نغفل تلك الشريحة التي استغلت هذه المواقع لترويج منتجات وبضائع ومشاريع تجارية منزلية صغيرة أو متوسطة، لم ترق في أهميتها إلى الحد الذي يجعلها ضمن الأنشطة الاقتصادية ذات الجدوى في الاقتصاد المحلي أو الإقليمي، وبقي النجاح مقتصراً على تصدير الفاشينيستات!
بالتأكيد هناك أصوات قوية ذات حضور فاعل ومؤثر ومفيد في الإشارة والإضاءة على العديد من المنجزات الوطنية والقضايا الراهنة بطريقة واعية وبعيدة عن الأداءات المظهرية الساذجة للوصول إلى استفادات ضعيفة كاستعراض الهدايا أو تلقي الهدايا أو استعراض خزائن الملابس وغرف المنزل الفاخرة أو مجاملة المعجبين والمعجبات للحصول على المزيد من الفوائد!