بقلم : عائشة سلطان
سألني صديق عربي: لماذا تحبون مصر كثيراً هنا في الإمارات؟ لم أستغرب من سؤاله لكنني سألته: ألا تحب أنت مصر؟ قال نعم، سألته: لماذا تحبها؟ قال لأنني درست فيها لأكثر من أربع سنوات، ولي فيها أصدقاء وذكريات تعود لأيام الشباب، قلت له لو أنك سألت أي عربي سيقول لك بأنه هو أيضاً يحب مصر، وسيعطيك سبباً مقنعاً لذلك، بغض النظر أقنعك السبب أم لا، لأنك تسأل عن سبب المحبة لا عن قوة البرهان؟
سألني: هل درست في مصر؟ قلت لا، لكن معظم صديقاتي درسن في مصر، وفي مصر درس أخي علوم البحرية، لكن مصر درستني منذ كنت في الصف الأول الابتدائي حتى آخر سنة دراسية لي في جامعة الإمارات، وأشرفت على بحوث تخرجي في البكالوريوس، وحين نلت درجة الماجستير في علوم الاتصال على أيدي أساتذة مصريين أجلهم كثيراً.
إن لمصر علينا حقاً، لأننا إذا ما فتشنا في كل حركة الوطن والإنسان العربي فإن مصر ستكون حاضرة وبقوة في كل التفاصيل، لقد فتحت عيني في بيت يضع صورة حاكم مصري في صدر المجلس، وحين عرفت المذياع وجدت أمي تتحدث عن (صوت العرب) المصرية وعن (أحمد سعيد) أشهر مذيعي تلك الفترة، بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع تاريخ كل تلك الفترة، ثم عرفت أن وصلة أم كلثوم اليومية كانت قراراً وليست مزاجاً فقط.
إن السينما التي تفتحت أعيننا عليها كانت مصرية، نجماتنا اللواتي أحببناهن مصريات، فرسان الأحلام جاءوا من أفلام الأبيض والأسود المصرية، أم كلثوم التي كانت يومياً في إذاعة دبي، وعبد الحليم وشادية...الخ، وحدها فيروز من شقت طريقها لقلوبنا خارج المعادلة المصرية، لأنها كانت معادلة لوحدها!
الثقافة، الصحافة، الأدب، الشعر، المجلات، المكتبات، المسرح، كتاب الأعمدة والمقالات زمن ازدهار الصحافة وتألق الأدب كان أغلبه من مصر: توفيق الحكيم، العقاد، طه حسين، نجيب محفوظ، أحمد شوقي، حافظ إبراهيم، السباعي، إدريس، هيكل، جاهين، محمود السعدني، أحمد رجب، الأهرام، دار الهلال، مكتبة مدبولي، الشروق، ولن نتوقف عن العد فالقائمة لا يسعها ألف مقال!
نحن حين نكون مع مصر في محنتها اليوم وهي تجابه شر الإرهاب فإننا في الحقيقة نقف إلى جانب الحق أولاً والأخوة ثانياً وإلى جانب أنفسنا، فما العالم العربي كله بلا مصر، وما العالم العربي إن ضعفت مصر أو نال منها مشروع التخريب؟ وهو لن ينال حتماً، لكن الوقوف مع مصر هو كسؤال نكون أو لا نكون.