بقلم : عائشة سلطان
كنت مضطرة أخيراً لقراءة معلومات حول الأنسولين ومرض السكري، فعرفت لماذا يؤمن الناس بأن هناك علاقة بين الشيكولاته وبين الإحساس بالبهجة، والحقيقة كما فهمت أن السكر يحتاج لكي يهضم إلى امتصاص هرمون معين في الجسم يضطر الجسم لتعويضه بتناول المزيد من السكر؛ الأمر الذي يسبب النشاط في الأعضاء، والنشاط يقود إلى الحركة والإقبال على الحياة، ومن هنا يظن الناس أن الشيكولاته في حد ذاتها تسبب السعادة، بينما الأمر ليس كذلك!
إذا كان استنتاجي مغلوطاً فالعتب على معلومات الصحف التي أتحفتنا أخيراً بخبر أن فيتامين دال لا علاقة له بالعظام، وتذكروا ملايين المقالات والنصائح التي قيلت لكم بشأن هذا الفيتامين وعلاقته بهشاشة العظام، وكم أخذتم منه وكم تعرضتم للشمس بسببه وكم أسلتم دماءكم لأجل الفحوص المخبرية!
مع ذلك فإن العالم كله لم يشغف بشيء كشغفه بالشيكولاته، إلى درجة أن تعرّضت دول للاستعمار بسبب أشجار الكاكاو، وإلى درجة أن تحولت الشيكولاته إلى واحدة من أكثر الهدايا شيوعاً ومن أرقى الصناعات الوطنية في دول كسويسرا وبلجيكا والنمسا، في حين أنها لا تزرع أشجار الكاكاو! ما يعني أن الشيكولاته ليست مادة غذائية عادية، بل وسيلة لترويج القيم الثقافية في مجتمعات الغرب، فواحدة من أشهر الأسماء اللامعة في عالم الشيكولاته قد بنى مؤسسها اسم محله الأول عام 1926على أسطورة قديمة لزوجة مقدامة وشجاعة وقفت في وجه زوجها الإقطاعي الظالم مساندةً لفقراء بلدتها! هذا ما يقوله تاريخ الرمز الذي تتخذه علامة جوديفا للشيكولاته، والذي يعبر عن السيدة جوديفا التي تعتلي جواداً جامحاً بينما يتطاير شعرها الطويل في الهواء.
من المؤكد أن الناس اليوم صغاراً وكباراً فقراء وأغنياء لا يُجمعون على عشق شيء كما يجمعون على: كرة القدم، السينما، والشيكولاته، التي روّجت لها هوليوود باعتبارها قيمة أخلاقية واجتماعية وعاطفية فائقة الأثر، كما تابعنا في «شيكولاته» الفيلم الذي مثلته جولييت بينوشيه وجوني ديب، وما جعل من جوديفا مصدر إلهام الكثيرين، حيث يوجد برنامج وطني في بلجيكا باسم السيدة جوديفا يهدف إلى دعم النساء اللواتي يمثلن روح السيدة بواسطة سماتهن في الإيثار والكرم والقيادة، وليس مجرد علبة شيكولاته فقط، وهنا يظهر الذكاء في ترويج القيم عبر أحب الأشياء إلى نفوس جميع الناس.