بقلم : عائشة سلطان
أتذكر أيام البدايات عندما بدأ يظهر مقالي في الصفحة الأخيرة بجريدة «البيان»، تلك أيام بكل ما رافقها من تعليقات وردات فعل وفرح واستغراب و.. إلخ، لا يمكنني نسيانها هذا أولاً، كما لا يمكن عزلها أو فصلها عن سياقها العام، ألا وهو مسيرة الصحافة في دبي وفي الإمارات بشكل عام، فجريدة «البيان» واحدة من أهم الصحف الأساسية في الإمارات (البيان، الاتحاد، الخليج.. دون تناسٍ أو التغاضي عن بقية الصحف بطبيعة الحال)، إن لدى كل واحدة من هذه الصحف تاريخاً حافلاً منذ بدايات النشأة والتطور والقضايا التي تبنتها وشكلت خطها العام وفلسفتها الرئيسية، لدينا تاريخ من الصحافة يستحق البحث فيه وتوثيقه دائماً!
في بدايات عملي في صحيفة «البيان» نهاية عقد التسعينيات لم يكن هناك عمود يومي في الجريدة يضطلع به كاتب صحفي منفرداً سوى الأستاذ عبدالحميد أحمد الذي كان في الوقت نفسه مديراً للتحرير، وقد كان مقاله يقع في الجهة اليسرى من الصفحة الأخيرة، بينما العمود المقابل له تحت عنوان (إلى اللقاء) كان يتعاون على كتابته بشكل يومي سبعة كتاب صحفيين، ربما كانت الزميلة القديرة هيام عبدالحميد المرأة الوحيدة بينهم إن لم تخني الذاكرة!
بعد انضمامي لأسرة «البيان» عام 1997، طُلب مني من قبل رئاسة التحرير أن أكتب عموداً يومياً، وقد كنت بدأت بالكتابة في «البيان» بشكل أسبوعي قبل عملي فيها بشكل رسمي، وبالفعل تحول عمود «أبجديات» من الصفحات الداخلية كمقال أسبوعي، إلى الصفحة الأخيرة كمقال يومي، وكان أول ردة فعل وصلتني عبر الهاتف استياء إحداهن، باعتبارها وجدت في ذلك التغير إقصاء لعمود الزملاء السبعة، والحق أنني لم أجد لاستيائها تفسيراً حتى اليوم، لأن الزملاء ظلوا يكتبون في الجريدة وبعضهم لا يزال يكتب حتى اليوم، ثم إن الصحافة والكتابة مهنة الأقدار والمسارات والسياقات، وليست مهنة القرارات الفردية أبداً!
أما السؤال الذي لم ولن أنساه أبداً فذلك الذي تكرر عبر عدد من المتصلين طوال أيام وأيام يتصلون ليتأكدوا أن هناك فتاة بالفعل تكتب هذا العمود وليس رجلاً ينتحل اسم فتاة كما قال بعضهم (التفكير الذكوري المتوقع)، وإن كانت فتاة فهل هي إماراتية فعلاً، وإن كانت إماراتية فهل تلقت تعليمها في دولة عربية وووو الخ، كان هناك نوع من الاستغراب تلمسته بشكل واضح وأثار فضولي كما أثار استنكاري أحياناً ولا يزال يفعل، خاصة أن هناك من بين مثقفينا العرب من لا يزال يعتقد بمركزية الثقافة وأن الدور الثقافي محصور في دول بعينها، مع أن هذه النظرية إن صح اعتبارها نظرية قد سقطت منذ سنوات