بقلم : عائشة سلطان
سُئل عدد كبير من الناس عن أشد مخاوفهم التي يرتعبون من التفكير فيها أو تخيُّل حدوثها لهم! فكانت إجابتهم تتفاوت بين أمرين متداخلين، هما: الخوف من الوحدة، والخوف من العجز. الوحدة في سن معينة يمكن أن تقود الإنسان إلى طريق مسدود تماماً، ما يجعله عاجزاً عن التفكير في قيمة الحياة!
ولأنني مررت بتجربة العجز القاسية، فإنه يمكنني تأكيد مدى ما تشكّله هذه التجربة من عبء ثقيل على النفس، ولولا فسحة الأمل، وضوء إيمان يعمر قلبك، لأدخلك عقلك في ثقب أسود لا سبيل للخروج منه، فما من إحساس أكثر ألماً من وقوعك في قبضة العجز المُحكمة، وهو ألم مبرح وحقيقي، حين تشارف على الخروج منه تعرف يقيناً وبما لا يدع مجالاً للشك معنى امتلاك الإرادة ونعمة الحياة بعافية وقوة!
لقد تقاسمت الحياة أكثر من عشرة أيام مع عجوز عاجزة تماماً عن ضبط نفسها عن الصراخ بسبب الآلام المبرحة التي كانت تعانيها، بينما كنت أنا عاجزة عن المشي بشكل متوازن وعن الرؤية السليمة، فأن أفتح عيني يعني أن أشعر بالدوار مباشرة، عشرة أيام كان عالمي مقلوباً، كنت أشعر بأنني أمشي على سقف الغرفة، وأن ما من شيء مستقر في مكانه!
إن العجز هو أبشع ما يمكن أن تسقط فيه، عجزك عن العيش بشكل طبيعي، عن الكلام، عن القراءة والكتابة، عن النوم.
كانت التجربة قاسية، فأن تمشي بكامل كبريائك متكئاً على أحدهم، غير قادر على إفلات يديه أو كتفه، يعني أنك لست أكثر من قشة في مهب الريح، قد تقع بشكل مباغت، وذلك عجز لو تعلمون عظيم، الذين لم يواجهوا العجز يوماً يعتقدون أنه من الطبيعي جداً أن تصحو كل يوم فتغتسل ثم تقف مدندناً أمام المرآة ترتدي ثيابك، تتأنق، تضع زينتك، ترشّ عطرك وتخرج، باعتداد أيضاً، ذلك طبيعي، لكنه قد ينقلب فجأة بين دقيقة وأخرى!
فالحمد لله على نعمة الحياة دون عجز.