يليق بها البياض

يليق بها البياض

يليق بها البياض

 صوت الإمارات -

يليق بها البياض

ناصر الظاهري

التنقل بين مدن أوروبا أشبه بالالتقاء بأكثر من صديق عزيز، كل واحد يخبئ لك قدراً من معارف، وقدراً من أسئلة، وقدراً من حكايات، ولا تمل، خاصة في شتاءاتها المختلفة، فباريس شتاؤها ليس بأبيض كفيينا وبراغ، ولا مكتئب كلندن، شيء منه مثل مدريد، مثل شتاءات ضاحكة تركض خلفها ناشداً دفئها أو هي تطاردك طارحة بردها، مقهى أو مشرب صغير ومنزو يمكن أن يفرح قلبك، مطعم له رائحة الشتاء والمواقد واحتراق الحطب، يزاغي نفسك بمؤامرة الصمت والرحيل مع الذات، ما إن ترى طبق الحساء تتصاعد أبخرته، حتى تحضنه بيديك المرتجفتين، ويفتر ثغرك عن ابتسامة تتمناها أن تطول، رؤية عاشقين يعبران الشارع كتفاً بكتف، يختلسان لحظة دفء، ومتعة من سعادة، وعجوزين متدثرين بألبسة قديمة ومخلصة، يعدان خطواتهما المتثاقلة، ويثرثران عن أشياء ماضية يتذكرانها بصدق، وهما مندهشان من عجلة الناس، وزحمة الأشياء، والوقت الذي يمر دون أن يعرفا كم هي لحظاته المتبقية، شتاءات أوروبا سياحة أخرى للذي يحب أن يعرف شيئاً مختلفاً، ويطلب دفئاً مختلفاً.

كلما زرت أوروبا تذكرت كوريا الشمالية، وحزنت على الناس فيها، وأنهم تجرَّموا مرة، حينما ضبطوا من الجهات الحزبية أو الحكومية أو المسؤولة، لأنهم لم يحزنوا بما فيه الكفاية على موت الزعيم الكوري المؤسس، هل ثمة دموع تعار للحزن؟ هل ثمة قلب ينفطر على شخص لا يكنّ له في ذلك الشكل الكمثري مقدار من حب؟ ما أصعب أن يتاجر بالحب أو يعتقل شخص متلبساً بالحب! أو تحرك دوريات راجلة تبحث في ذلك الوطن الشقي عن مواطن كان حزنه تلك الليلة قليلاً، ودموعه جفت بسرعة مبالغ فيها! ما أتعس الوطن الخالي من الحب العفوي!

تضحكني كآبة الإنجليز التي تخيم عليهم بعد منتصف يناير، حيث يعدون السادس عشر من هذا الشهر يوم الكآبة الإنجليزي، ويعزون السبب أولاً للجو البارد والشتاء الأبيض القارس، غير أن السبب الحقيقي بالنسبة للإنجليز الفواتير المترتبة جراء الاحتفال بعيد الميلاد، وحفلة رأس السنة، وفواتير الضرائب المتأخرة على البعض، وهذه وحدها مصدر كآبة دائم للإنجليزي الذي يتعصر، ولا يصرف جنيهاً في غير موضعه، لا أدري.. هذه المسألة تذكرني دائماً بأحد مشجعي نادي ليفربول مرة، حين ترك المباراة قبل وقتها، ودخل «باراً» يحتسي من جعتهم السمراء «غينيس» احتفاء بالنصر، وفرحاً لهزيمة غريمهم «المان» حتى ثمل، وحين صحا لم يجد غير هزيمة نكراء، وصداعاً ولواعاً وهداماً، وكآبة لن ينفك منها سريعاً!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يليق بها البياض يليق بها البياض



GMT 04:32 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

لحظة تأمل

GMT 04:32 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

حرب الجنرال الغائب

GMT 04:30 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

كِتاب غزة

GMT 04:29 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

الحرب الثالثة ماذا بعدُ؟

GMT 04:29 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

«أوديب».. وقد غادر الطائرة

GMT 04:25 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

وزراء كانوا هنا

GMT 04:24 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

القرار الخاطئ

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 19:17 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 06:17 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

افتتاح معرض رأس الخيمة للكتاب بمشاركة 76 دار نشر

GMT 02:43 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواعيد مباريات منتخب مصر في كأس العالم

GMT 08:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

تخريج الدفعة الأولى من برنامج قيادة الأعمال الإنسانية

GMT 18:45 2015 الخميس ,22 كانون الثاني / يناير

معرض دبي العالمي للقوارب يعزز مكانته العالمية في 2015

GMT 21:44 2014 الأربعاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية تشارك في معرض برشلونة للكتاب في دورته الـ32

GMT 01:38 2014 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

جامعة كينياتا تمنح سيدة كينيا الأولى الدكتوراه الفخرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates