ناصر الظاهري
لا شيء مثل الكسل يعطل حياتنا، ويعطل تمتعنا بالحدود القصوى من الأشياء الجميلة فيها، بل إنه مرات كثيرة يكون حائلاً دون بلوغنا مرادنا أو بعض حقوقنا، ومرات يمنعنا من التجديد، والبدء من جديد، والنهوض من العثرات التي قد تصادفنا في طرق الحياة غير السهلة، فلولا الكسل والركون له، وتفضيله على غيره لتغيرت بعض من مجريات حياتنا نحو الأجمل والأحسن، وهنا أمثلة علينا أن نقيس عليها، ولدينا أكثر منها في حياتنا، حسب كل شخص وطبيعته، وثقافة مجتمعه:
- كورنيش العاصمة جميل من داخله، والمشي فيه متعة ورياضة وتأمل، ولكن أغلبنا يتعامل معه من الخارج، ويحب أن يخطط شارعه بالسيارة ذهاباً وعودة دون فائدة تذكر، وأحياناً كثيرة بمصاحبة النقال.
- بحجة كسل وكراهية «كاتلوج» المنتج الذي نشتريه جديداً كالتلفزيون والهاتف، نضيع على أنفسنا الاستفادة القصوى من كثير من الخدمات التي توفرها لنا هذه الأجهزة التي نحرص على شراء الأحدث والأغلى منها.
- بحجة كسل وعجز رب الأسرة عن تركيب الدراجات الهوائية على سطح السيارة وربطها وشدها في وقت الحر، مثلما فعل جاره الأجنبي دون شكوى أو كسل، يمكن أن يضيع على أولاده رحلة عائلية آخر الأسبوع.
- بحجة الكسل والاسترخاء بعد وجبة الغداء الثقيلة، والذهاب في قيلولة قد تكون مضجرة، تضيع منا ساعات كنا يمكن أن نكسبها لمشاهدة أفلام الأسبوع أو متابعة الفعاليات الثقافية والفنية التي تزخر بها أماسي العاصمة.
- بحجة الكسل وعدم وجود وقت كاف لدينا، - وما أكثره لدينا ونضيعه - يشتري بعضنا الكتب وتظل راقدة على الأرفف يعلوها الغبار، ولا يقرأ منها شيئاً.
- بحجة الكسل ومترادفاته من كلام: «بعد هالعمر! أو الحين.. وأنا في هالعمر»، يمكن أن لا يبدأ الإنسان حياته الثانية من جديد، يعني نفترض أن مواطناً عربياً في الخامسة والأربعين من عمره، وأعفي من عمله المكتبي، وطلق زوجته، ووجد عملاً لدى شركة أجنبية أوكلت له بيع بوالص التأمين، وإيجاد زبائن جدد يمكن إقناعهم بالتأمين على الحياة، فسيتأفف العربي، وسيظهر كسله المغلف بمسبباته الواهية مثل «لما شاب ودوه الكتّاب»، في حين الإنسان الغربي سيتعلم من جديد، ومن أفراد أصغر منه، ولن يبكي على عمله الماضي، ويقارن به الجديد، وربما دخل دورة على الإنترنت لكسب مهارات جديدة، وسيتقبل المهنة الجديدة، وسيقبل على الحياة الثانية من دون كسل!