ناصر الظاهري
القيلولة، والمقيل، والغائرة، وبالإنجليزية «Nap أو forty winks»، وباللاتينية «لا سيستي»، وبالإسبانية «لاسيستا» ومرجعها «لا سيكستا أهورا» أي الساعة السادسة حسب التوقيت القديم، وتسمى ساعة الشيطان، لقد بقيت بين جدل علمي يعترف بأهميتها، وشعوب تكد وتعمل لا يعترفون بها، ويعدون الشعوب التي تقدسها شعوباً كسولة، حتى إسبانيا التي ربما ورثتها من الحضارة الأندلسية، وتأثير العرب عليهم، واجهت مشكلة حين انضمامها لدول الاتحاد الأوروبي، الذي ألزم الناس بساعات طويلة من العمل، وحرمان الإسبان من تلك القيلولة الساحرة، فلم يلتزموا، وعادوا للساعة المخدرة، لأن الطبع يغلب التطبع، وهناك قول ربما لشيراك: «لابد من قيلولة خفيفة، ولو اضطررت أن أنام واقفاً»، عند الشعوب الآسيوية مثل الصين، وبعد تلك الوجبة التي تشبه «الزرّار» يخلد الصيني لتلك الإغفاءة، والتي يسمونها «ووكسيو»، وهي حق يكفله الدستور الصيني، لذا تجدهم تحت الجسور معلقين في تلك الشباك التي تتسع لجثة صيني نحيفة، أما قيلولة الهندي، وخاصة ال«بانياني»، والتي يعاقب عليها قانونياً كل من يقطع قيلولة الآخر، فستجده في دكانه المعبق بروائح صمغ الأكياس الورقية، وأتربة الأقمشة، ومروحة قديمة جالسة قبالته تدور جالبة له نسمة رطبة، وهو بإزار أبيض خفيف، وفانيلة بحمالتين، وثمة ثقوب في خاصرتها من كثرة الاستعمال، والبخل الربوي، وتقبع بجانبه قصعة نحاسية «سفر طاس» فيها بقايا أكل مفلفل ملتصقة بأطرافها، الكوريون واليابانيون المتطورون يسعون لإيجاد وسائل أكثر عصرية للتناغم مع تلك الساعة البيولوجية لعمالهم، ووقت الهجعة الظهرية، لذا كثيراً ما تجد تلك الأسرة اللاصقة في الجدار أو الأسرة ذات الطوابق أو المخادع الجماعية لتستوعب مناوبة النوم، الغريب أن بعض الحيوانات تشارك الإنسان في حوض البحر الأبيض المتوسط وأميركا الوسطى والجنوبية هذا الهوس بالقيلولة، والتي تعد القيلولة الملكية أطولها، مثلما هي نومة الأسد، والملوك، وأقصرها تسمى الغفوة أو السِنة، واليوم هناك الكثير من الجمعيات التي تدعو لها مثل:
«رابطة نوم القيلولة» في البرتغال، وفي الثقافة الإسلامية هناك حديث رواه أنس بن مالك عن النبي الكريم، قال:« قيّلوا فإن الشياطين لاتقيّل»، وأكدت دراسة نشرتها مجلة «العلوم النفسية»، «أن القيلولة من 10 - 40 دقيقة فقط، تكسب الجسم الراحة، وتسمح للدماغ بإعادة ترتيب معلوماته، وللقلب باستعادة نشاطه، وتخفف من مستوى هرمونات التوتر المرتفعة في الدم نتيجة النشاط البدني والذهني الذي بذله الإنسان في النهار، لكن «القيلولة لا تعني أن تنسدح عدال صحن العيش»!