ناصر الظاهري
في يومك، لك الورد كله، لك الشمع كله، لك الحب والقلب كله، نتذكرك مثل سحابة ثقيل مطرها، مثل طعم أول البشرى والصيف على الأبواب، مثل ختام الليالي، حين يتلألأ الليل، ويسكن الكون، وتضل نجمة مسارها، فتسقط راقصة فرحة بالوهج وسبر المدارات، نتذكرك ظلاً يسكن زوايا البيت، فجراً حلواً يغسل كسل العين، نتذكرك، فتدور الدنيا، جالبة ضحكة الروح من هناك، نشوة البدن حين يكون في كامل عافيته، البسمة الغائبة التي ترسمها الشفاه لوحدها، نتذكرك، فتنهال روائح الطيب، ويستيقظ عطر المكان، نتذكر معك شقاوة العمر الصغير، ونريد أن نعتذر، يعنّ علينا شطط الرجولة المبكرة، ونريد أن نعتذر، نحب كسل نوم الضحى، والعطلات، تردداتك الكثيرة على الباب، دعوات الاستيقاظ، ونريد أن نعتذر، نتذكر الفطور الطفولي أيام البيت القديم، والمدرسة القديمة، والحي القديم، ونريد أن نعتذر، فطور اليوم الذي يتسرب في الحادية عشرة صباحاً، في الغرفة الشمالية، مدخن العود، إغراءات الصحو الجميلة، ونريد أن نعتذر.
اليوم.. في عيدك، وكل يوم عيدك، نريد أن نجعل كل الأصابع شموعاً، لكي ترضي، نريد أن نجعل من كل الشموع زهوراً لكي تشرق الضحكة، وتدمع عين الفرحة، نريد أن نجعل كل الورود تحت قدميك، لتباركيها بخطوتيك، نريد أن نفرح وبعمق، لأنك مشيت يا أغلى الناس، سنة إلى الأمام، وإلى الأجمل.
للغالية.. التي نستلف منها اليوم، كلمتها المعتادة « الغالي» تلك الكلمة التي كانت نجمة هادية، لندماء الوقت، عشّاق الأسفار، مرافئ لسلاطين البحر والريح، تردك من مدن الله، والشوق يسبقها، تنقضّ غزلك والبوح يغزلها، كانت كغيمة شرود تظلل الرأس المثقل بالكثير والكثير، وترجعك.
ورود حمراء.. لنساء من وقت وتعب، أم.. قد ترمد عيناك ان لم ترأها، أو أخت تفرح بضحكتها، أو خالة هي صنو الأم، وحبيبتها، عمة هي صورة للأب، تهز البيت صرختها، تغيب، فتهمد الأشياء بغيبتها، ورود حمراء.. لوجوه تزيد العافية، وتبسمل الطريق، وتغسل عناء الزمن، وشقاء الأيام، ورود حمراء.. للغاليات الساكنات شقنا الشمالي، لا يزاحمهن غيد، أولئك المتوجات أعلى الرأس، الذي لا ينحني إلا لسجدة، أو تقبيل طفل، أو ليطبع قطعة من عنبر على ذاك الجبين.
ورود حمراء.. تليق بأم الجميع، أم الإمارات في عيدها، وفي فرح وليدها، وفي بشرى حفيدها، ورود حمراء.. لقلوب بيضاء من حب وعشق واعتذار كثير، لابن كبير.. ليتها تقبله، وفقط!.