ناصر الظاهري
ولو قيل لك ما هي أغلى مقتنياتك؟ هل تكون الصداقة في الصدارة إن كانت تنتقى وتقتنى، وربما ستحتار بالتأكيد بين لوحات فنية وتماثيل وسجاد وسبح وكتب قديمة، وعلاقات جميلة مع أمكنة وزوايا وناس في المدن الكثيرة.
ولو قيل لك عن الإنجاز الذي تعده الأفضل في حياتك؟ ربما ستصمت قليلاً، ودون تبرير الفشل والزهو بالنجاح ستقول: اسمك وكتبك وأسفارك، وأنك ما أغضبت أمك يوماً.. وأولادك المنذورون للوطن.
وأكثر شيء تمقته نفسك، ستجزم أنه الكذب والظلم واستغلال حاجة الآخر، وأن يعيش الإنسان متسخاً من الداخل، ولا يبالي برائحة الفشل والحقد، مُرّ الفم لا يستسيغ طعم نجاح الآخرين.
وهل من مهنة كانت تحلم بها طفولتك، وغدرت الحياة بها؟ كعادتك دائماً ما تردد: يتوقف نبض قلب الإنسان حينما يتوقف عن الحلم، وأنك منذ طفولتك وأنت تحلم - وما زلت- أن تكون مدرساً للتاريخ، ثم مخرجاً سينمائياً، ثم أصبحت كاتباً فقبضت من كل منها جانباً.
وعن طقس الإبداع الذي تستطيع فيه القبض على الكتابة، يفرحك الليل الصديق.. الليل الجميل أو صباح كسول أو حين تكون درويشاً متدثراً بحروف المعرفة هائماً في مدن بعيدة أو أن تضبط متلبساً بالحب والمطر وتفاصيل صغيرة في الذاكرة تتقافز من فرح قدامك، ومرات تأخذ بيدك لتدخلك جنة الحكايات.
من هي المرأة الجميلة؟ تحمّر بخجلك وتتلعثم وتقول بنبرة مواربة على الضحك الخفي: تلك التي تشبه باريس في صباها، وتشبه مدناً تجاور البحر والجبل في شبابها، وتشبه روما حينما تقترب من أربعينيتها الجميلة، وتشبه ذاتها في خريف العمر، أجمل ما فيها أنها عاشت فصول الحياة، وأجمل ما فيها أنها كانت متواجدة حيث الحياة، وأجمل ما فيها أنك وجدت نفسك معها ولها، وكنت منها وعنها.
ما الذي تود أن يقال عنك؟ ليس بالكثير، فقط.. هذا الرجل ربما لا يكون صادقاً لكنه لا يكذب، هذا الرجل لم نره إلا نظيفاً بالوعي وحب الأوطان، هذا الرجل يبدو صديقاً للإنسانية، ولا يعرف الكره أو الضغينة.
وعطلتك المقبلة أين جهتها؟ في أميركا اللاتينية هناك حيث سحر اللغة والثقافة والموسيقى ومبهجات الحياة، هناك بعيداً حيث تشتهي النفس، وهناك عميقاً حيث استقر الإنسان قديماً صانعاً شيئاً جميلاً بالحياة ومن أجل الحياة أو تكون رحلة بحر لا تمل فيها العين من الزرقة، ومشاهدة الفجر كل يوم وهو يشرق بالبراءة في زوايا العالم