عتب آخر الخريف

عتب آخر الخريف

عتب آخر الخريف

 صوت الإمارات -

عتب آخر الخريف

ناصر الظاهري

أحياناً الكتّاب يمشون ويتعثرون بمواضيع في طريقهم، أحياناً يجبرون أن يكونوا شهود غير زور على حالات إنسانية، مثلما انتشلني ذات مرة زوجان في خريف عمرهما، كانا يجاوراني في احتلال مكان قصيّ مطل على المتوسط، فلم أقدر إلا أن أخط ما كانا فيه من حالات عتاب إنساني، وكيف تفرقا، كل واحد في مدينة نتيجة العصاب اليومي، ومشكلات الحياة، وتمترس كل واحد منهما خلف قناعاته، حتى وصلا لطريق مسدود، كانا على تلك الطاولة كصديقين يبثان ندمهما، ويطرحان أموراً صغيرة كانت تعكر ذاك الوقت، وتشكل ضغطاً عليهما، هما اليوم أكثر هدوءاً، وأقل تشنجاً، الزوجة تعترف بتلك الأخطاء، وتلك المناكفات التي جعلته يهجرها إلى فرنسا، بعدما ترك لها بيت الزوجية وحديقته التي طالما اشتركا في العناية بها، الزوجة تبكي على فطورهما الصباحي فيها، وجلسات قهوة المساء، الزوج يلقي بكل ثقل تلك الأخطاء عليها، الزوجة تبكي وتقول: لا تزدني شجناً، ولا تجعلني أنشج بدمعي، فأنا الآن كبيرة، وصحتي لا تسمح، الزوج: اتركيني أكمل حديثي، ولا تقاطعيني كعادتك، الزوجة: ايه يا عيني أكمل، الزوج يتحدث بشكل عملي، وعقلي في تأمين ضرورياتها، الزوجة تتحدث بعاطفة: أريدك أنت، وأريد حضورك في يومي، لقد كبرت، الزوج: أنت الآن تعيشين مع أولادك، وأنا أعيش وحدي، ومع التي قبلت أن تسكن معي بأشياء مشتركة بيننا، وبيني وبينك بحر أزرق طويل، الزوجة: الأولاد كبروا، وما عدت أراهم إلا حينما يصحون صباحاً، وحين يعودون مساء، وأنا أغالب نومي المتقطع، الزوج: لا فائدة من الرجوع، فالعمر لا يسمح بعودة تلك المشاحنات، وإذا انقضت حياتي قبلك، هناك راتبي التقاعدي سيعيشك بعدي، الزوجة: إن شاء الله قبلك، الزوج: يا صفية، بلا عواطف، الزمن ليس في مصلحتنا، لقد تجاوزنا الستين، وما بقي إلا سنوات الخريف، الزوجة تسحب زوجها إلى ذكريات وتفاصيل في بيتهما القديم، سجادة ثمينة على الجدار، ألبوم صور، رحلة لإيطاليا، وأشياء عزيزة تحتفظ بها في صندوق خشبي اشترياه من أفريقيا، الزوج: هذه أشياء جميلة، ما دام حافظت عليها، لكنها لا تعيدنا لبعض، هناك أمور كبيرة، وكلمات قاسية فرضت عليّ الرحيل، وسمعتها منك، الزوجة: أنا ما قلت تلك الكلمات، وإذا قلتها أنا الآن نسيت، الزوج: لكني لم أنس، لقد رافقتني طوال سنوات الافتراق، الزوجة: شو قاسي بعدك.

افترقا وتركا خلفهما صوتهما النادم، ورنّة ثقل خطواتهما، وضجة في الرأس أبكتني من الداخل!
"الاتحاد"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عتب آخر الخريف عتب آخر الخريف



GMT 03:31 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

مفكرة القرية: تلة متحركة

GMT 03:31 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

هل ستتفتح زهور الصين وتثمر في أفريقيا؟

GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:29 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

إصلاح مجلس الأمن وعوائق الدول الكبرى!

GMT 03:28 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

السعودية وثوابت القضية الفلسطينية

GMT 03:26 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

عن يمين وشمال

GMT 03:26 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

عقول شيطانية وضمائر ميتة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 01:32 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

طالبات مواطنات يبتكرن جهازًا للوقاية من الحريق

GMT 05:07 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الفيصلي يقف على أعتاب لقب الدوري الأردني

GMT 08:12 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

اكتشفي أفكار مختلفة لتقديم اللحوم والبيض لطفلكِ الرضيع

GMT 04:05 2017 الثلاثاء ,25 إبريل / نيسان

فريق "العين" يتوّج بطلًا لخماسيات الصالات للصم

GMT 04:55 2020 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

أحمد زاهر وإبنته ضيفا منى الشاذلي في «معكم» الجمعة

GMT 18:24 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مجوهرات "شوبارد"تمنح إطلالاتك لمسة من الفخامة

GMT 05:40 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

هبوط اضطراري لطائرة متوجهة من موسكو إلى دبي

GMT 22:49 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

منزل بريستون شرودر يجمع بين التّحف والحرف اليدوية العالمية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates