ناصر الظاهري
سيظل المدرس والمعلم والمربي هو القدوة دائماً، والمحرّض أبداً على فعل الجميل والخيّر، والتأسي بالرجال العظام في الشجاعة والكرم والنبل والشرف والوطنية والانضباط، خلاف ذلك يمكن أن يسلم رسالته النبيلة إلى شخص آخر يعرف قيمتها، ويدرك دورها.
طوال سنوات مضت كانت سياسة التعليم متخبطة، وسيطر عليها من سيطر في غفلة منا لأسباب أوجزها، نهوض التيار الديني والفكر الإسلاموي السياسي، التوجس من المثقفين والمتنورين المواطنين، وكيل اتهامات باطلة في حقهم من كل الأطراف، وتصنيفهم إما علمانيين أو ماركسيين أو قوميين، ومساندة من ادعى التقوى والعفاف تأسياً بسيرة السلف الصالح، فصدقهم المجتمع، وربتت على أكتافهم الجهات إلى حين اشتعلت الحرائق في عشب حدائق البيوت، في تلك الفترة سيقت مخرجات التعليم إلى أقصى التدني العلمي والعملي الذي تحتاجه الدولة، ففي النهاية نريد مواطناً صالحاً متعلماً، لا مواطناً منتمياً للخارج، ويشكو في فهم الآخر، سواء كان هذا الآخر مواطناً وطنياً من بلده، أو أجنبياً خارجاً عن ملته ومعتقده ولغته، لقد كان الاهتمام بصغائر الأمور، ودقائق تفاصيل أشياء غابرة في الزمن، اليوم لا يفهم لها معنى، كدخول الحمام بالرجل اليسار، أو طهور الجنابة بعد أكل لحم الجزور، بقدر ما يفهم أن اتقان أكثر من لغة، والتعاطي مع العقل والتفكير، والاقبال على التعليم الحديث، لا قصره على علم الحديث، والتواصل مع الآخر دون خوف، وتمترس، ودون إلغاء وإقصاء، ودون أن يورّم ذاته «المسلمة» معتقداً أنه قطب الكون.
اليوم هناك استراتيجية للتعليم خاصة، واستراتيجية للدولة ومرافقها عامة، هناك آفاق منظورة لتربية الأجيال، وتعليمهم وفق احتياجات وضروريات الحياة التي نريد، نتعب عليهم ونستثمر فيهم منذ الصغر، لأملنا أن يواكبوا العصر، ولغته وثورة المعلومات التي تقود العالم، لا نريد خريجاً كما مر علينا من نتيجة التعليم المؤدلج لا يعرف أن يعبر عن نفسه لا بلغته المعاصرة، ولا بلغة أجنبية حيّة، أو خريجاً ضعيفاً في تخصصه، لقد عانت الإمارات من أجيال «التعليم بلا استراتيجية»، ولا سياسة مدروسة، ووفق معطيات واضحة، لقد شهدنا طلاباً متخرجين في الثانوية العامة لا يعرفون معلومة عن جزر الإمارات المحتلة، إلا أنها محتلة من قبل إيران، ولا يعرفون عن عروق الشيبة أين تقع جغرافياً، كان هناك طلاب على وشك الابتعاث إلى الخارج فيفشلون في امتحانات القبول، لقد صرفت الدولة أموالاً كثيرة على إعادة تأهيل مثل هؤلاء الطلاب أكثر من صرفها على تعليمهم الأساسي!