توحدها السماء تفرقها الأرض

توحدها السماء.. تفرقها الأرض

توحدها السماء.. تفرقها الأرض

 صوت الإمارات -

توحدها السماء تفرقها الأرض

ناصر الظاهري

ليت الصدف وحدها تعلم الإنسان، وليت الطبيعة تلقنه مفاهيمها تجاه الحياة، وليته يتخلى عن جهله وعناده، وعن أن أوله بذرة نطفة، وآخره جيفة قذرة، وهو بينهما حامل العذرة، فلما يحكم وكأنه إله، ويجرم أكثر من شيطان، ويلوي عنق الأديان ليخرجها من نصها المتسامح إلى نصه المغلق، من معناها الإنساني إلى أفقه الضيق، ومن ثم يشرّع قتله للآخر، وظلمه للمختلف عنه، وسلب مقدرات الضعيف، ليضفي على ذاته قوة أكبر، وسلطة أوسع، موهما الفقير بسعة غناه، والمستضعف بقدرته، والجاهل بحكمته، والجميع بسلطته الإلهية في الأرض.

سيبقى المطر سيد الأرض وهو الذي يحييها، وإن قدر الإنسان أن يشق الإفلاح، ويبني السدود، فللمطر كلمته، والإنسان هو المحتاج له، سيبقى خوف الإنسان من زمجرة الطبيعة، ومن غضبها، ومن كوارثها، وإن توقعها، وعمل حسابها، واحتاط لها، سيظل خوفه الأبدي الكامن فيه منذ كان في الغاب والأدغال يتلمس ناراً فيعبدها، وتشرق شمس فتنير له ظلمات المكان، وتمنحه الدفء فيعبدها، سيبقى الإنسان رقماً صغيراً وصعباً في معادلات الكون، لكنه بالتأكيد يستمد قوته من كل الأطراف، فإن غابت هذه الأطراف وجد الإنسان نفسه ضعيفاً.
لعل التقاء مناسبتين دينيتين عظيمتين في وقت واحد، هما مولد سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، ومولد سيدنا المسيح عليه السلام، تعد ضربة قوية لقوى التطرّف والجهل في الجانبين المسيحي والمسلم، تلك القوى التي صنعت الحروب والاقتتال في الماضي والحاضر، وما يمكن أن تسبب من بلاء في المستقبل، قوى تدافع عن مصالحها الفردية بعد أن تلبسها لبوس الدين، وتنصب نفسها حامية لخلقه، واتباع ملته التي يعتقد الكل أنه على المحجة البيضاء، وأنه صاحب الحق المطلق في المكوث في ملكوته وجنته، والآخرون هم الجحيم، لقد ارتكبت القوى المتطرفة المتمسحة، والمتأسلمة، والمتهودة، وغيرها من الملل والنحل والطوائف حروباً وقتلًا وإبادة باسم الرب ضد الآخر، وغالباً هذا الآخر حينها كان ناسكاً، عابداً، ساجداً، راكعاً، شاكراً، حامداً لله، ومع ذلك سالت دماؤه قربانا للجهل والتطرف والتشدد الذي يعتقد أنه قريب من الرب، لكنه بعيد عنه، وبعيد عن الإنسان نفسه.

فليت التقاء هاتين المناسبتين الصليب والهلال تحت سماء زرقاء صافية، لم توحدها الصدف، بقدر سيرورة الزمان، ودقة نظام الكون، وصيرورته، هي سماء الإله المعبود، يخرس طبول الجهل والغضب المتعصب والمتدين، ويلجم قارعي هذه الطبول التي لا تحب أن تتوقف حتى الفناء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

توحدها السماء تفرقها الأرض توحدها السماء تفرقها الأرض



GMT 01:10 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

طريق الخسائر والكبائر

GMT 01:09 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

عون رئيساً لاسترداد لبنان

GMT 01:09 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

الدبلوماسية العربية ــ الدولية وجمهورية لبنان الثالثة

GMT 01:08 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

عجائب الزماني... لابن الأصفهاني

GMT 01:07 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

كرة القدم... نقطة تجمع وطني

GMT 01:07 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

«مكرم هارون»... واحدٌ من النبلاء

GMT 01:06 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

الرسائل الإلهية

GMT 01:05 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

الاستمارة

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 19:45 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

محمد صلاح يؤكد سعادته بفوز فريقه على ساوثهامتون

GMT 12:49 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

اكتشاف 4 مقابر لأطفال في أسوان أحدهم مصاب بشكل خطير

GMT 19:26 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:34 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

أحدث إطلالات جيجي حديد في اول ظهور لها في نيويورك

GMT 20:55 2019 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

4 وفيات اثر حادث تصادم على الطريق الصحراوي

GMT 15:33 2018 الأربعاء ,02 أيار / مايو

أنواع فيتامين "الأوميجا" تعمل على تغذية الجسم

GMT 14:42 2013 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

وحيد حامد في ضيافة خيري رمضان في برنامج "ممكن"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates