ناصر الظاهري
لا أحد يمكنه أن يحل محل أي سلطة قانونية في المجتمع سواء القضائية أو التنفيذية أو التشريعية، ولا حتى السلطة الرابعة المجازية، وهي الإعلامية، فللسلطات الثلاث أمر تفويضي، ذو أساس قانوني، مستمد من المجتمع المدني، وللسلطة الرابعة محاذير وأحكام وميثاق شرف تضبطها أسس في منظومة المجتمع الحر، لايمكن لأي شخص بحكم كونه مسلماً أو عربياً أو مواطناً أن ينصب نفسه حكماً على الآخرين، وعلى ما يجري في المجتمع من أمور، توافقه أو تتعارض معه، ولا يمكن حتى لموظف حكومي أن ينصب نفساً قاضياً على تصرفات الآخرين دونما أي تفويض رسمي من السلطات، هناك حريات شخصية، وحريات عامة، حريات متوافقة، وحريات متناقضة، وحده المجتمع بتشريعاته قادر أن يضبطها، ويسيّرها في مسارها الصحيح.
لعل حادثة الشريط المصور للفنانة «عبير صبري» وزميلتها «فريال يوسف»،- كما سمعت- والمشادة التي حدثت مع المواطنة وبعض صديقاتها - كما سمعت- بشأن الالتزام بطريقة اللبس والاحتشام، والتعدي باللفظ والكلام والإساءة العنفية من قبل المواطنة، بحجة هذه بلادي، وأنا حرّة، وغيرها من المبررات التي لا تبيح للفرد، ولا تمنحه السلطة التفويضية للحكم، والتعدي على الآخرين، وتصويره، وبث محتويات الفيلم بالصوت والصورة على وسائط التواصل الاجتماعي، شديدة التأثير، وخلق القناعات، يجعلنا، ويجعل مجتمع الإمارات إن سكت عنها، في محل من الفوضى، وعدم الانضباطية، وإن شاعت، فلا يمكن للمجتمع أن يرجع حيالها للوراء، مما سيشكل سلطة «دينية، سلوكية» جديدة على مجتمعنا، لذا لابد من التدخل، والتدخل السريع، والمحاسبة، لتوضيح اللبس، وعدم تكرار الخطأ، ووضع الأمور في نصابها الصحيح، وعدم تمكين من «يريد» أن يخلق البلبلة، ويشيع «فوضاه»، ويخدش صورة المجتمع الإماراتي، و«يخطط» لتسييره وفق مبادئه ومعتقداته.
لا أعتقد أن الحادثة عرضية، ولا يمكن أن نتحدث عن عفويتها، ولا يجب ألا نحملّها أكثر مما يراد لها، فنحن كل يوم نشد إلى زاوية، وكل حين يزج بنا في خانة، بغية استدراجنا، واستدراج مشاريعنا ونهضتنا التنموية، وانفتاحنا على الآخر، وسهولة التواصل معه على كافة الصعد، والملفات زاخرة بأشياء كثيرة، بعضها يدركها الناس، وكلها تعرفها السلطات.
ولو تبصرنا قليلاً.. واسترجعنا أموراً حصلت عندنا، كانت وسائط التواصل الاجتماعي بطلتها، وكانت «الفضيلة» هدفها الظاهر، و«رجرجة المجتمع» هدفها الباطن، وسيستمر هذا المسلسل، وستخترع لحلقاته قصص أخرى، وبمبررات من التقوى، والعفة، والحرص الوطني، لكن هناك أشباحاً رمادية أو «متحجبة» تقف خلف كل ذلك!