ناصر الظاهري
اليوم يستطيع العربي والمسلم أن يبني صورته الجديدة أو يخلقها في الإعلام الدولي بطريقة مختلفة وإيجابية، ومحو الصورة النمطية القديمة، وهي فرصة نادراً ما تحدث إلا في ظرف تاريخي، وتحول مفصلي كما حدث في الثورات العربية الجديدة التي تحققت والتي في طور التحقق لنيل مطالبها السياسية والعدالة الاجتماعية، وتكريس مبدأ الديمقراطية وحكم المؤسسات الوطنية، ونبذ حكم الفرد وتسلطه، فالشباب الذي تظاهر بالملايين في ميدان التحرير بالقاهرة، خرج بعد سقوط النظام وقام بتنظيف الأماكن العامة وجمع النفايات وكنس الطرق وإصلاح ما خُرّب في وقت التظاهرات، وهو الشباب نفسه الذي نظم السير، وحرس المجمعات السكنية والممتلكات العامة، وقام بالتطبيب والإسعافات الأولية، وهو الشباب نفسه الذي يقوم اليوم وبعد انتهاء فرح انتصار ثورته بإعادة ترتيب الأوليات الوطنية بحس ووعي ومسؤولية، هؤلاء الجيل الجديد من العرب قادرون على أن يخلقوا صورتهم الجديدة، ويفرضوها على العالم وإعلامه.
وليس العرب وحدهم من تشوهت شخصياتهم في الإعلام الغربي، وخلق صورة نمطية بديلة لهم من أجل التندر والسخرية والحط من قيمتهم وموروثاتهم الثقافية، فقد شوهت صورة الياباني في الإعلام «المعادي» بعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية، فظهر الياباني المحارب، المنتحر، المحب لرؤية الدم، والذي يستبيح أراضي الغير، زير النساء، لكن اليابانيين قدروا على تغيير تلك الصورة النمطية بطريقين، طريق بطيء ومواظب وبجهد لا ينقطع من خلال تقديم ثقافتهم وطقوس موروثاتهم وتغلغلها في المجتمعات بنعومة خيوط الحرير، من خلال طقوس الشاي الياباني، وطريق آخر فرضوه على العالم، والمتمثل بتلك الصناعات والتقنيات والتطور المتسارع وبناء يابان حديثة، ومواطن ياباني جديد، وهي صورة زاهية نراها اليوم عن الياباني في الإعلام الدولي.
الصينيون اليوم يغزون العالم بصورة مختلفة عن الصورة النمطية للصيني الفقير، والمدمن على الحشيش أو صاحب المطعم الصغير الرخيص الذي يمكن أن يبيع فيه كل شيء من أكل ومخدرات وأشياء مقلدة، لقد صدّرت الصين نموذجها للإنسان الصيني الجديد، وفرضته على الإعلام الدولي.
الروس اليوم يظهرون بصورة نمطية جديدة عن تلك الصورة القوية للشخصية الروسية أيام الاتحاد السوفييتي السابق، فظهر الروسي الثري الذي يدير المافيا ويبيع السلاح، والمندهش من كل شيء نتيجة الحرمان الطويل، لذا فهو مبالغ في الألوان ولبس الذهب والملابس الغالية، وخرجت الروسية بصورة مغايرة عن تلك التي كانت تظهر فيها كثائرة ضمن حروب التحرر، الفلاحة والعاملة، لقد تحولت إلى بائعة هوى رخيصة!